كانت النرجيلة واسطة من وسائط التسلية في ليل بعد نهار شاق ويتعاطها قلّة من الناس زمن التبغ " المُدبس " ومع اتساع مساحة العاطلين عن العمل وانتشار مجالس الطرقات والأحياء والزواريب من قبل جيل لا يمُتّ للحياة بشيء ولا يتقن سوى السبّ والشتيمة والتباهي بوشم على عضلة فتنت عقل صاحبها و " النرجلة " من الليل وحتى ساعات الفجر في دوامين شتوي وصيفي يتقاسمه العاطلون كل بحسب طريقة نومه وساعات راحته بعد تكبدّ عناء النفخ في دخان المعسل المصري أو الأردني أو السعودي والبحراني واللافت أن هذه الدول تُسب مع كل سحبة معسل من قبل هذا الجيل الذي يمتص سمومها ويهدر لها أمواله وهي من تمنح أوقاته الرخيصة متعة الاستئناس بسُمّ المعسل .
انتشر تعاطي " النرجيلة " في كل الأوساط ودخلت كل البيوت وبات المجتمع مدمناً عليها وخاصة من قبل النساء اللواتي لا يستطعن التواصل فيما بينهن دون دخان المعسل الذي سيطر سيطرة كاملة على التجمعات المحتشدة في سوق العاطلين عن العمل وباتت حياتهم لا معنى لها دون النفخ واطلاق موجات من الدخان المتعدد الروائح .
تكمن أهمية هذا الجيل السلبية في حضوره الدائم للمشاكل والتعبير عن سخطه ضدّ أيّ شيء المهم أنه منتفخ بقوّة هستيرية أتاحتها له التغذية المستمرة من قبل روّاد الشحن الطائفي وقد برزت أنيابه بعيد الربيع العربي وقيام الحروب في المنطقة تحت عناوين وتسميات طائفية أشعرتهم بدورهم في الزود عن هويتهم وخصوصيتهم التي لا يفقهون منها شيئًا سوى أنهم يميلون في مشاعرهم نحو المقامات المُهددة من قبل عدو تاريخي حاقد ومجرم يعاود مزاولة القتل بسيوف ورماح بنيّ أمية التي قتلت ابن بنت رسول الله و اله الأطهار .
لقد تعاطى حزب الله مع جيل المعسل بطريقة نفعية سياسية ولم يتعاطى معه بطريقة مرضية تدفعه الى توفير الأدوية اللازمة لأعراضه الصحية فبدلاً من أن يسعى جاهداً الى تعبئته بالأخلاق الاسلامية الحميدة وانتشاله من ضياعه الاجتماعي عبر مساعدته في التعلم والاكتساب المعرفي وتسهيل شروط العمل له كيّ يصبح منتجاً اجتماعياً راح يتعاطى معه كما هو لا كما يجب فالمهم عنده هو الحفاظ على هذا المنسوب الطائفي المرتفع وعلى نزعته المذهبية وان كانت مبنية على رمال متحركة فالمهم عند الحزب هو اللحظة التاريخية والتي يحتاج فيها الى أيّ كان ومهما كان وعيه لحشده في معارك كبيرة يخوضها الحزب دفعاً ودفاعاً عن أخطار أكبر من مخاطر الاحتلال نفسه .
هذا التعاطي من قبل الحزب ترك هذا الجيل على ما هو عليه من سلوك وأخلاق بل ودفع بالآخرين الى الالتحاق بثورة المعسل التي قادتهم الى تهديم كل شيء وهم يظنون أنهم يحسنون صنعاً فلا نجد أحداً من الوافدين على الشيعية السياسية الاً ويحمل سلاح السبّ والشتم واللعن وهو يراوح مكانه في مواقع التواصل الاجتماعي وفي الشوارع وعلى الأرصفة وحيث تدعو الحاجة للنزول الى حيث الفتن الداخلية للتعبير عن غضب قوتهم ضدّ أيّ شيء ودون معرفة السبب المهم أنهم أقوياء ويملكون حقّ التعدي على العام وقبل الخاص ودون حسيب يحاسب أو رقيب يراقب ما دامت أدوارهم تلبي طبيعة الصراع المحتدم في منطقة تتقاسمها العصبيات الطائفية والمذهبية والقومية .