لا المعطيات السياسية ولا الوقائع على الارض توحي بإمكانية انعقاد مؤتمر جنيف "٢" الذي تتجه الأنظار اليه على انه يشكل مدخلا للوصول في مرحلة ما مستقبلا ، الى حل للازمة السورية .
فعلى ما يبدو ان هذا المؤتمر سيخضع من جديد الى عملية التأجيل ، بسبب ضبابية الرؤية لدى كل القوى الإقليمية والدولية حول دور الرئيس السوري بشار الاسد خلال المرحلة الانتقالية ، فبين مؤتمر جنيف الاول الذي طالب بتشكيل حكومة انتقالية ، تقلص من صلاحيات الاسد تمهيدا لرحيله ومحاكمته لاحقا ( وفق أحلام المعارضة ) ، والمؤتمر الذي يجري الاعداد له حاليا ، تغيرت ظروف ومعطيات كثيرة على الارض ، اصبح من الصعب معها الكلام عن رحيل وإقصاء او محاكمة راس النظام السوري الذي تحولت كل أنظار الدول الغربية عنه ، لتركز على ما تفعله الجماعات المسلحة المتطرفة من فظاعات وارتكابات ، في الوقت الذي يرتكب النظام فظاعات أقوى ، ولا احد يرى او يريد ان يرى .. فمنطق الامور يقول انه اذا كان تطرف الجماعات المسلحة هو ما يثير رعب وهلع الغرب ، فهذا يعني ان تطرفا مماثلا من قبل عناصر وشبيحة النظام ، يفترض ان يكون له الوقع ذاته والنتائج ذاتها..
في اي حال ، خريطة المواقف والتحركات للقوى السورية المتصارعة توحي وكأن كل طرف آخذ في شد الغطاء الدولي الى مساحته ، فرئيس الائتلاف السوري احمد الجربا يتحضر لزيارة موسكو مطلع الشهر المقبل في ظل معلومات تقول بحصول تغيير في الموقف الروسي لناحية دور الرئيس السوري ، فبرأي مصادر في الائتلاف ان الروس يقولون بشأن الاسد شيئا في العلن ، في حين ان موقفهم في المضمر شيء آخر ، فهم بحسب هذه المصادر يريدون الحصول على ضمانات وتطمينات حول ماهية النظام المقبل ، بهدف الحفاظ على مصالحهم في المنطقة ، في الوقت الذي يصارع النظام على جبهة الرأي العام العالمي وتوجسه من الإرهاب ، ويسعى الى تامين اكبر حشد دولي الى جانبه تحت هذه المظلة ..
اذا .. هي مرحلة تسجيل اكبر عدد ممكن من النقاط لصالح كل جهة ، مع الاشارة الى ان تراجع نفوذ الجيش الحر في ارض المعارك ، وتضعضع المعارضة وعدم قدرتها على حسم خيارات موحدة ، يجعلها من الطبيعي في الموقع الأضعف ، مقارنة بهذا الدعم اللامحدود الذي يتلقاه النظام من قبل حلفائه وهذا التغاضي الغربي عنه ..
وبانتظار جنيف "٢" في ٢٢كانون الثاني الذي يتزايد التشاؤم حيال جدواه يوما بعد يوم ، يصر الممثل الأممي الاخضر الإبراهيمي على فرضية انعقاده في هذا التاريخ ، او اقله ان يكون فقط فاتحة لمفاوضات طويلة ، فيما يستمر الشعب السوري في عيش إخفاقاته واحباطاته اليومية من كل ما يجري، وهو القابع في جزء منه تحت ضرب الحديد والنار في الداخل ، ومشتت في جزئه الآخر ، تحت أقسى انواع الذل واللجوء في الدول المجاورة ..
جنيف ٢ الى التأجيل مجددا ..
جنيف ٢ الى التأجيل مجددا ..نهلة صفا
NewLebanon
مصدر:
لبنان الجديد
|
عدد القراء:
544
عناوين أخرى للكاتب
مقالات ذات صلة
ديوان المحاسبة بين الإسم والفعل ( ٨ ) سفارة لبنان في...
الشاعر محمد علي شمس الدين يترجل عن صهوة الحياة الى دار...
ديوان المحاسبة بين الإسم والفعل (7) سفارة لبنان في...
ديوان المحاسبة بين الإسم والفعل (6) سفارة لبنان في المانيا...
65% من المعلومات المضللة عن لقاحات كوفيد-19 نشرها 12...
لبنان: المزيد من حالات وارتفاع نسبة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro