أنذرالثامنون من آذار أعداءهم من مغبَة تشكيل حكومة متجاوزة لخطوط حمراء من شأنها أن تتجاوز الصيغة بمحمولاتها السياسية ومكوناتها الطوائفية, أو أن تتعالى على أكثرية مسلحة بقوة الواقع ومنطق القوة . جاء الانذار ناصحاً للرئيس المكلف, وداعياً الى تفويت الفرصة على من يدفعه الى تشكيل حكومة دون العودة أو الرجعة الى مركز القرار في لبنان, لنيل الثقة الفعلية ,ولمنح الرئيس شرعية التأليف .
كرر المير طلال ارسلان ما أعلنته قيادة حزب الله من ثوابت في التأليف المطلوب لتجاوز مرحلة سياسية دقيقة يمكن اذا لم يتمَ مراعاتها أن تستدعي شكلاً من الحرب الأهلية الداعية الى تسوية داخلية, أوالى اعادة النظر في صيغ التسوية ,والى استبدال توازناتها بتوازنات أخرى ,وهذا ما يرغب به, ويسعى اليه طرف مسيحي يطمح بعودة الرئيس الماروني الممسك وحيداً بحبل السلطة . لماذا استفاق القوم دغشة على التحذير من تشكيل حكومة أمر واقع رغم امتلاكهم لقوَة الواقع ؟ وكيف شربت فجأة جماعة الرابع عشر من آذار حليب الأسد رغم كرههم له, ودفعهم تمام سلام الى التشكيل دون أخذ الموافقة من أهل الحلَ والعقدَ ؟ وكيف يمكن التشكيل الحكومي دون ضؤ أحمر من الخارج ؟ أسئلة منتقاة من سلَة لبنانية مملؤة بالأسئلة المستنكرة والمستفهمة عن استحقاقات أساسية, وفي مقدمتها التشكيل الحكومي وأنتخابات الرئاسة في ظلَ انقسام عامودي حاد لا مكان فيه للبنان كدولة قائمة على معاييرها الخاصة . بتقديري أن الانذارات قادمة من واقع اقليمي يعتمل لصالح الثامن من آذار نتيجة لانتشار حزب الله في الساحة الاقليمية وحاجته الملحة الى هُدنة داخلية تحميه من غدرات الطعن من الخلف ,بعد أن استنفد طاقة لا بأس بها في سورية التي تحتاجه الى دفع كلَ امكانياته لمواجهة المعارضة في ظلَ غياب كامل لجيش النظام .
كما أن رصيد الرابع عشر من آذار قدَ تحرَك نتيجة التقاطه لمخاوف الحزب من انتقال لبنان من القسمة السياسية الى القسمة العسكرية, وبذلك تسقط سطوة قوى الأمر الواقع لصالح سطوات أخرى محاصصة في القوَة . من هنا يبدو المشهد الشاهد على آذاريين مهددين ومتوعدين وعلى آذاريين شاربين لحليب سبع سعودي مجرَد أضغاث أحلام لأن قوى الثامن من آذار لا تسطيع مسح الجهة المقابلة,وقدَ أكدت التجربة وفي أسوأ الظروف عدم قدرتها على تجاوز خطوط حمر أقليمية ودولية. كما أن ربع الرابع عشر من آذار لا يتقنون سوى طنين ذكور النحل, وهم ينتظرون الفرج من الخارج, ولا يحسنون تغيير واقعه بأيديهم . اذاً نحن أمام تسلسة داخلية جديدة طالما أن هناك من لا يعمل, ويحتاج الى تقطيع وقته وهدره بالتهديد وبالوعيد ,أو بالتجرأ اللفظي, و دون استخدام وسائل الفعل. لقد بات الفريقان في طاحونة لبنانية تسمع فيها جعجعة ولكن لا ترى فيها طحيناً