بعدما ساءنا وساء غيرنا، حتى الذين دافعوا، تعبير السيد حسن نصرالله عن يوم السابع من أيار بأنه يوم مجيد، وساءتنا أكثر ردة الفعل السلبية الساخرة لدى الكثيرين على تراجع السيد حسن نصرالله عن موقفه وعودته إلى القول علناً عن السابع من أيار بأنه يوم مشؤوم وقد كنا نرجو أن لا نستاء من طريقة حزب الله في التعامل مع كثير من الأحداث والوقائع في البلاد العربية، وكيفية التعبير عن مواقفه في إعلامه، الذي كثيراً ما تجازو التضامن أو التأييد أو التشجيع إلى التبني المبالغ والحاد إلى حد المقت والتأثير السلبي على بعض الحركات المعارضة لأنظمة بلادها، والتي كان يضطر القطاع المتوازن والاستقلالي في صفوفها، إلى الصمت علناً، والنقد سراً، حفاظاً على العلاقة مع حزب الله.
لم يكن أبداً مطلوباً أو متوقعاً أن يناصر حزب الله أو إعلامه النظام البحريني على المعارضة، وكان يمكن أن يساند المعارضة من دون تناسي الدعوة إلى الحوار الحقيقي، خاصة وأن الحزب كان عارفاً بأن مصلحة إيران الوطنية، تقتضي أن لا تقطع طهران مع المنامة تماماً، حتى تحسن استثمار لحظات الانفتاح الضروري على البحرين، كما حدث أكثر من مرة، خلال محطات الصدام بين النظام البحريني ومعارضيه ، ومن دون العودة إلى المعارضة أو استشارتها.
وهذا امر كان متوقعاً وما يزال وفي أكثر من حالة عربية- إيرانية .
من هنا فقد سرنا أن تبلغ الشجاعة الذاتية أو المطلوبة، لدى المجموعة اللبنانية للإرسال ( المنار والنور) حد أن تعتذر علنأ أمام اتحاد الإذاعات العربية عن طريقة أدائها في ما يعود إلى أحداث البحرين، والذي كان يفوته التدقيق في ما ينفع المعارضة المصرة على عدم التطييف وعلى الاستقلال عن إيران مع عدم القطيعة معها، حتى لا تقدم مبررات للنظام في تشدده ضد المعارضة، ولا لشركائه العرب في التدخل العلني، بذريعة ما يوحي به إعلام الحزب من توغل، غير فعلي، في صفوف المعارضة وحراكها.
سرّنا ذلك كثيراً من دون ان يسوءنا نفي الحزب أن يكون هو الذي أملى على المجموعة الإعلامية، الحزبية تصريحها، موضحاً أنه موقف ذاتي قد تكون مناسبة الإجتماع الأعلامي قد أملته.
لمن يريد الأخذ بنفي الحزب، بإمكانه أن يفعل ، من دون ان يكون من يناقش فيه متهماً بتكذيب الحزب، والمجربون في هذا المجال الذي تملي ضروراته كثيراً من التناقضات في الشكل أو المضمون، يعرفون أن التناقض بين موقف الحزب وتصريح المجموعة الإعلامية، ليس واقعاً لأن شروط التناقض غير مكتملة لتعدد الجهات كما هو معروف في علم المنطق.. ودائماً كان التواطؤ أو الإتفاق على الموقف ونقيضه شكلاً مألوفاً في الحركات السياسية التي تستحكم بها الإيديولوجيا أحياناً قتوقعها في الخطأ، ثم تستيقظ وتعود من الإيديولوجيا إلى السياسة، فتعتذر عما قالت أو فعلت، على ان لا يعترض الفرع ( الإعلام مثلاً) على تصرفات الأصل الحزب، بل يحدث أن تتفق القيادة مع الفرد أو المجموعة المسؤولة عن الخطأ المتفق عليه، على أن تقبل الادانة التي تصل على حد إحراق أوارقها.. أو إلى التضحية بها مؤقتأ مع التعويض المناسب قبل إعادتها إلى مكانتها ودورها بل ومكافأتها على الإمتثال في الأول والسكوت في التالي ورحم الله الرئيس ياسر عرفات .. كنا في طهران عندما التقى المرحوم هاني الحسن مع مسعود رجوي ( مجاهدي أو منافقي خلق) في باريس وثارت ثائرة الإيرانيين حتى أوضح ابو عمار سريعاً أنه ليس مسؤولاً عن هذا العمل .. فتركز الغضب الإيراني على هاني الحسن.. أما أنا فإني التقيت هاني الحسن وسألته عن الحقيقة، فأجابني بالتساؤل عن مصلحته الشخصية في التصرف، إلى ذلك فإنه قائد حركي ملتزم بقرارات وتوجهات الحركة ومناوراتها، وأنه ليس من البساطة بحيث يرضى بالتكليف الشفوي بأمر كهذا، وأخرج لي برقية أتته من ابي عمار إلى الكويت، أن يسافر إلى باريس ويقابل الرجل ... هذا مع استعداد هاني الحسن إلى السكوت على تنصل ابي عمار وشتائمه التي لم يبخل بها عليه وعلى غيره في حالات مماثلة.
فيهمنا أن لا يخطئ حزب الله في تقدير مواقفه، وأن يقرأ السياق الإيراني بدقة أكثر... ويهمنا ان تكون له دائماً فضيلة العودة عن الخطأ لما فيها من شجاعة وتوفير للخسائر، ويهمنا أن يعاد النظر في المواقف العملية للحزب ليس في كل شيء، ولكن في أشياء قد تترك أثرها السلبي العميق على كل شيء، وتحمل مستقبلنا أعباء باهظة وأثقل أعباء الخلاف الطبيعي بين المسلمين... ونعلن تضامننا غير شامتين بل مرحبين ومشجعين، مع حزب الله وإعلامه، في مراجعاته ومصارحاته مع ضرورة، مراعاة خواطر الأصدقاء، مثل المعارضة البحرينية، حتى لاتشعر بالخذلان جراء التصحيح.
في السياسة يجوز الصيف والشتاء على سطح واحد.. وهذا ما يسمى بالبراغماتية التي لا يتنكبها حزب الله ولا إيران ولا أي سياسي نبيه.