على مدى أكثر من ساعتين، أستمع، تتسع حدقتا عينيّ، أتنهد، تتفتح مسام أذني، استعدادا لسماعه يقولها، لكنه لم يلفظها.. على هذا الحال بقيت متسمرا، مشدود الأعصاب، معبأ النفس بعنفوان مقاوم يتهم العدو الاسرائيلي حتى بتلويث الهواء أتشوق لاكتساب معطيات جديدة تراكم ملف اتهامات الكيان الصهيوني، فلم أحصل. أكثر من مئة وعشرين دقيقة، وانا أنتظر زمجرة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ( سيد المقاومة) وصبه جمّ مقاومته على العدو الاسرائيلي، لكني لم أظفر.
كان السيد مختلفا تماما، لم يكن هو، هكذا كانت الأفكار تتبادر الى ذهني أثناء مشاهدته وسماعه، لم يوجه أي تهمة للعدو الاسرائيلي، وكأنه تقمص دور من جهد على تخوينهم، وتجريدهم من وطنيتهم، كان حجة الإسلام والمسلمين متناقضا، يقول الشيء ونقيضه، ويناقض نصرالله السابق، لم نألفه هكذا على الرغم من انسيابية كلامه في المحاضرة التي ألقاها على اللبنانيين في حضرة العميل الصهيوني السابق والصادر بحقه أحكام تدينه بتهمة العمالة "الزميل" جان عزيز. لم يكن السيد موفقا في إطلالته على قناة حليفه التلفزيونية، فالإطلالة حملت الكثير من التناقضات، ما طرح العديد من الأسئلة. قال السيد بالأمس إن علاقة حزبه بإيران علاقة ندية، ولا يطلعونها على أي من التفاصيل اللبناني، لكنه سبق وأعلن أنه جندي في ولاية الفقيه، وينسق مع طهران في مختلف الأمور، لا بل وصل الى حد القول أنه يعمل وفق توجيهات الولي الفقيه. أعلن نصرالله أن حزبه أرسل الى سورية ٤٠ عنصرا لحماية السيدة زينب، لكنه أغفل أن عدد قتلى الحزب في سورية تخطى ٣٠٠ بالأسماء والصور والجنازات، وقال فيما بعد أن الحزب موجود في حمص ودمشق. اتهم سماحة الأمين العام الرئيس سعد الحريري والنائب عقاب صقر بالتورط في الصراع السوري، وبأن هناك مئة قتيل من جماعتهما سقطوا هناك، لكته لم يذكر أي اسم ولم يظهر أي صورة، ولم نشاهد أي تشييع لأي من هؤلاء القتلى. للأسف كانت اتهامات السيد توجه جزافا، على غرار اتهاماته للملكة العربية السعودية، التي حمّلها مسؤولية كل ما يدور في المنطقة، علما أنه في السابق توجه إليها شاكرا على مواقفها واعادة اعمارها الجنوب ولما لها من أياد بيضاء في لبنان. الاتهامات العشوائية وصلت الى حد اتهام السيد حسن لمديرية قوى الأمن الداخلي بتسليح المسلحين في طرابلس، وهو الذي وجه للمؤسسة نفسها الشكر في الذكرى الأخيرة لعاشوراء على جهودها بحفظ الأمن في الضاحية في الأيام العشر من محرم. أما الصاعقة في الحلقة فكانت حين سأل سيد المقاومة عن الصفقة الايرانية مع الشيطان الأكبر ومصاص الدم ورأس الأفعى، فأجاب:" لطالما قالت ايران إن مشكلتنا مع الأميركيين تختلف عن مشكلتنا مع الاسرائيليين" لكنه لطالما قال إن الولايات المتحدة الأميركية هي العدو الحقيقي، لأنها هي التي تقف وراء الاعتداءات على الشعوب العربية، ونحملها كل المسؤولية عن أي قطرة دم تسقط أو بيت يهدم، لأن العدو الاسرائيلي يدمرنا ويقتلنا بإدارة أميركية وأموال أميركية. فهل للسيد أن يجيبنا إن سألناه :" هل تذكر يا سيد حينما قلت إنه حين تمتدح الولايات المتحدة محوركم، تكونوا مخطئين وعليكم البحث عن أخطائكم الاستراتيجية وتصحيحها؟ وما هو رأيك بالغزل الأميركي الايراني؟ ربما لا يستطيع السيد نصرالله الإجابة على هذا السؤال كما على غيره، وأظنه خلال اطلالته الأخيرة كان يقول:" أنا لست لي، أنا من أنا؟ أنا لست أنا.." انتهت اطلالة السيد وأنا ما زلت أسأل هل هو حقا سيد المقاومة؟ هل هو فعلا السيد نصرالله نفسه؟ ولا من جواب، سوى أنه ربما منتحل صفة قد لبث ثوبه لكن الجوهر اختلف...