كيف يتفق ان يعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في إطلالته مساء امس ، ان السعودية هي التي تقف وراء تفجير السفارة الإيرانية في بيروت ، في وقت لم تكد تمضي اربع وعشرون ساعة على اعلان وزير الخارجية الإيراني محد جواد ظريف ومن مسقط بان المملكة ذو اهمية بالغة في المنطقة وفي العالم الاسلامي ؟؟  من حيث الشكل لا يوحي كلام نصرالله ان هناك تنسيقا بين الطرف والرأس او بين الوديعة وصانعها .. الا اذا كان حال القيادة الإيرانية تماماً كما يقول العارفون ، بان فيها مافيها من أجنحة وتيارات يتملكها التشدد ، وأخرى تنشد الاصلاح والانفتاح ويعبر عنها بالطبع الرئيس الجديد حسن روحاني وطاقمه ، وبالتالي فان حزب الله ينحو ناحية التيار المتشدد وينطق بلسانه ويطلق مكوناته ، ولا يكترث لما ينفذه روحاني من خطوات حسن نية تجاه الغرب ودول الجيران ، كترجمة لاتفاق جنيف النووي بين بلاده ودول الخمسة +١ . فها هو جواد ظريف يحط اليوم على أرض الامارات العربية المتحدة في سياق جولة خليجية قادته حتى الان الى كل من الكويت وعمان وقطر ، معلنا استعداده للتحادث مع المسؤولين السعوديين عندما يبدون استعدادهم لذلك ..  ولا شك ان استباق الوزير الإيراني زيارته الامارات بالإعلان انه مستعد للتباحث مع مسؤوليها في مسالة الجزر المتنازع عليها منذ زمن بين البلدين ولا سيما جزيرة ابو موسى ، يعد ضربة موفقة للديبلوماسي الإيراني الذي يدشن عهده في ظل الحكومة الاولى لولاية الرئيس روحاني ، بجولة جليجية يصفها بالإيجابية والقيمة ، مطلقا مواقف لافتة تستحق التوقف عندها ، نظرا لما تشوب سمعة ايران من  ًصوفة حمراء ً في إثارة القلاقل والنزاعات في دول الاقليم بدءا من العراق وليس انتهاءا بالبحرين .. فليس قليلا ان يقول محمد جواد ظريف إن امن المنطقة متكامل  وغير قابل للتفكيك ، والحصول على هذا الامن عبر حذف أمن الاخرين او تخريبه محكوم بالفشل ، كما انه لم يغفل التذكير بان أساليب المنافسة السابقة لن تجلب الامن لاي من بلدان المنطقة ، وهو ما يشكل إقرارا علنيا بان ايران هي التي كانت تحذف امن جيرانها وتخربه ، وتخوض منافسة غير مشروعة في المنطقة .. وفي خلاصة كل هذا الكلام  ان ايران تكون قد وضعت اول شك إراحة وتطمين في رصيد الدول الخليجية التي لطالما تملكتها مشاعر القلق والريبة من النفوذ والتمدد الإيراني ..  وعليه فإذا كانت ايران تسعى الى استثمار اتفاق جنيف النووي وتوظيفه في اتجاه الانتفاح على الغرب اولا .. والجيران ثانيا بما يؤدي الى كسر عزلة سياسية واقتصادية طوقت بها منذ سنوات على خلفية برنامجها النووي ، فما باله اذا حزب الله يغرد بلسان أمينه العام في واد آخر ، ويدفع وبالنبرة العالية باتهاماته تجاه  المملكة العربية السعودية ، من دون الحد الأدنى من المسوغات المستندة الى اي تحقيق قضائي أو غيره ..   اتهام نصرالله للملكة بتفجير السفارة الإيرانية هو اتهام سياسي بامتياز ، و سيسارع ان لم نقل قد سارع كثر الى اعتباره امتطاء مدروسا لاتفاق جنيف النووي بهدف إظهار المزيد من عراضات القوة والتفوق الأجوف .. وقد يحلو لبعض آخر قراءته من زاوية الانزعاج من حركة رئيس الاستخبارات السعودية الامير بندر بن سلطان ، والذي توقف الكثير من المراقبين عند زيارته امس لروسيا ، ولقائه الرئيس فلاديمير بوتين ، حيث علم ان اللقاء ركز بشكل خاص على احتياجات السعودية من الاسلحة الروسية ولا سيما ما يتصل  بإقامة درع صاروخي للملكة .   وينظر هؤلاء المراقبون الى زيارة بندر هذه بانها تعكس دينامية نشطة حيال أريحية خيارات المملكة ومرونتها وعدم حصرها في اتجاه احد ، وبوصلة واحدة ،  ًهي اميركا ً ، مع الحفاظ بالطبع على العرى الوثيقة للحلف الاستراتيجي مع واشنطن .  في كل الاحوال .. اذا كانت اتهامات نصر الله أتت بالتنسيق مع الراعي الإيراني ، ام هي انفلات عن سربه .. يبقى ان اللغة والمسلك الجديد لطهران ، هو تحت مجهر المراقبة الدقيقة في هذه الآونة ، لتعقب مدى مطابقة الأقوال بالأفعال !!