وبمجرد ان كتبت بالامس على صفحتي في موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك ستاتوس اتساءل فيه عن شعور اهالي الشهداء الذين لم تجف تراب اجداثهم بعد وهم يحضرون مقابلة الامين العام السيد حسن نصرالله حيث بدى مبتسما ضاحكا وهو يتحدث عن مشاركة حزبه بالقتال في سوريا حتى انهالت عليّ كل انواع السباب والشتائم ووصلت بالبعض الى حد التخوين والاتهام هذا كله من " الاصدقاء " الذين لا يعرفونني شخصيا ، اما من يعرفني ويعرف علاقتي بالكثير من الشهداء واهاليهم فأمطروني بوابل من المواعظ والارشادات مع ما تيسر لهم من الدعاء لي بالهداية وبالعودة عن طريق الضلال الذي انا فيه ! واكثر ما اثار دهشتي في خضم هذه الهمروجة هو اصرار معظم من انتقدني وتأكيدهم على فكرة جد خطيرة بنظري تفيد التأكيد من حيث لا يشعرون باظهار اباء الشهداء وامهاتهم هم بحالة من الفخر والسعادة بفقدان ابنائهم حتى باتوا وكأنهم لا يحملون في نياط قلوبهم اي مشاعر حب لابنائهم ولا اي عواطف تنتابهم لفراق احبتهم ، لدرجة انه صار يعتبر هؤلاء بان مجرد الحزن او الاحساس بالحرقة جراء البعاد ان هي الا منقصة يجب ان لا تخالج مشاعر الاهل الثكالى ! انما فقط المطلوب منهم هو التعبير عن الفخر والاعتزاز الكفيلين بدفن اي مشاعر اخرى ، مما يدل بان هناك ثقافة جديدة يعمل على نشرها وترسيخها يمنع بموجبها حتى الدموع ان تذرف من عيون الامهات ، حتى تحول التعبير عن لوعة الفراق والبكاء على الشهيد واخراج هذه المشاعر الانسانية الجياشة وكأنه فعل ينافي الايمان او قل انه وبأقل تقدير يتناقض مع الاعتقاد بالقضية التي من اجلها استشهد ولدهم ! حتى بات الافصاح عن مكنونات القلب المكسور وكانه يعد تشكيك بأحقانية الغاية التي من اجلها دفع الشهيد حياته ثمنا لها ، وهذه طبعا ثقافة اجنبية عن تراثنا الانساني والديني خاصة اذا ما عدنا الى رواية الامام الصادق (ع ) التي تقول ان البكاؤون خمسة : ادم – يعقوب – يوسف – فاطمة – وزين العابدين ، او عندما نعرف ان الرسول الاعظم عندما جاءه خبر وفاة ولده ابراهيم فقد حزن حزنا شديدا وهو (ص ) الذي قال : وانا على فراقك يا ابراهيم لمحزونون ، وما الى هنالك من المأثور الديني الذي يعتبر ان البكاء والنويح على الشهداء وعلى فراقهم امر بغاية البداهة التي لا يمكن العمل بعكسها ، حتى ان النبي الاكرم امر نساء المهاجرين والانصار بالبكاء والندب على عمه حمزة عند استشهاده ، فهل كانت هذه المشاعر النبيلة من الانبياء والمعصومين لتدلل على تشكيكهم بقضيتهم او دليل ضعف بما يعتقدون ؟ اللهم الا اذا كان الهدف من تعميم هذه الثقافة الغريبة عنا هو الخشية من ان تتحول دموع الامهات ولوعة الاباء الى سؤال كبير سيطرح يوما ما  فيعجزمروجوا هذه الثقافة عن الاجابة عليه ، وانا هنا اود ان اطمئن هؤلاء بانكم  ومهما حاولتم فانكم لن تستطيعوا الامساك بالقلوب المفجوعة طويلا وستفلت من قبضتكم تلك الدموع النازفة ولو في جوف الليل وان السؤال ات ات لذا ، اتركوا دموع الامهات .