فعلا شيء يبعث على الضحك ، هذا الغضب المفتعل وهذا الزعيق الكاذب الذي يطالعنا به كبار المسؤولين الإسرائيليين ، وفي طليعتهم بنيامين نتانياهو ، حول الاتفاق - الصفقة بين الدول الغربية وإيران فجر الاحد الفائت في جنيف ، والذي يبدو ان هناك إجماعا على وصفه بالتاريخي ، نظرا لما يبطن في طياته من نتائج ، قد تعيد رسم خارطة القوى في المنطقة ، بما يؤدي الى مزيد من بسط الهيمنة والنفوذ الايرانيين.
فنتانياهو الذي يوهمنا بانزعاجه من الاتفاق - الصفقة ، هو في الحقيقة من فاز بكبرى جائزتي يانصيب ، لم يكن بالتأكيد يتوقع انه سيحصل عليهما خلال بضعة اشهر ، فمن الكيماوي السوري 
الى النووي الإيراني ، الى تمظهر الثورة السورية بأشكال طائفية ومذهبية .. اسرائيل من دون أدنى شك ، هي الكاسبة الاولى..
واذا كنا امام اتفاق يشوبه الكثير من الغموض ، فمن البديهي ان تشكل الأشهر الستة المقبلة ، مرحلة اختبار صعبة ومعقدة لمدى صدقية النوايا والالتزام بالتطبيق ، فتناقض التصريحات الفورية للمسؤولين الأميركيين والإيرانيين بعد التوقيع ، لا يوحي بالكثير من التطمين ، فمن جهة يقول الجانب الإيراني ، ان الاتفاق يسمح له بالتخصيب بنسبة ٥٪ ، وتصل الجرأة بعلي اكبر صالحي حد القول ، ان التخصيب حق لإيران سواء بنسبة ٥ او ١٠٠ ٪ ، ومن جهة اخرى يقول الجانب الاميركي بلسان وزير الخارجية جون كيري ، ان نسبة ال ٥٪ ستكون صفرا بعد ستة اشهر..
واللافت للاستغراب هذا التيه الذي تظهره ايران وهذا التباهي بانها حققت انتصارا وهو تخصيب ال ٥٪ الذي لطالما أصرت على رفضه قبل أعوام خلت ، فيما هي مجبرة على تنفيذ سلة من الشروط في المرحلة الانتقالية ليس اقلها وقف العمل في منشأتي ًآراك   وناتانز  وإبطاؤه في منشأة   فردو  ، في مقابل حفنة من المليارات سارع باراك أوباما الى الإفراج عنها.. 
وبين تيه إيراني فارغ .. وغضب إسرائيلي أفرغ .. تتأرجح المنطقة بأزماتها ومآسيها على حبال اتفاق  الألف الف  ، الذي ستتردد اصداؤه على الارض السورية ، مزيدا من الاحتدام في المعارك ، وعلى الارض اللبنانية مزيدا من الغرق في وهم الانتصارات  لحزب الله ..