عاشت ليبيا في زمن المجنون معمر القذافي, مرحلة ذهبية, من الأمن والاستقرار, الى الراحة الاقتصادية التي وفرتها وفرة النفط ,والتي جعلت من الشعب الليبي شعباً كسولاً يقضي معظم أوقاته نائماً, سواء أكان في المؤسسات العامة, أو الخاصة ,لأن نعمة الذهب الأسود, سوف تطرق باب داره كل شهر, التزاماً بالاشتراكية التي أسَسها القذافي, لينتفع بعدالتها, عامة الشعب .لعب القذافي بأمن الكثيرين من الشعوب والدول , من خلال تمويله لمنظمات وجهات وجماعات تدَعي التحرر والتحرير من الظلم والاحتلال , وكان لبنان واحداً من مجموعة,أسهم القذافي في تمويل الحروب القائمة فيها , اضافة الى سجله الحافل بالاجرام, سواء مع معارضين ليبين, أو بدعم عمليات ارهابية ضدَ مصالح غربية وعربية, وتبرز عملية لوكربي كشهادة دامغة على تصرفات القذافي الدامية ,و تبرزأيضاً عملية اعتقال السيد موسى الصدربأسبابها وطريقتها, كشهادة حية مُدينة باستمرارلمجنون لطالما اعتبرته النخب الحزبية العربية بأطقمها ووسائلها كافة , قيادة قومية فذَة وزاحفة نحو فلسطين.ما يهمنا هنا, ليس فتح ملف القذافي, بقدر مانريد الاهتمام بليبيا ما بعد القذافي,وذلك من باب المقارنة والمقاربة, توصلاً لرغبة صادقة في انجاز مشروع الثورة الذي هدَمه الثوَار بأسلحتهم الثقيلة . من الطبيعي أن تشهد أيَ عملية تحوَل طوعي أو قسري في هيكل السلطة ,مرحلة طويلة من المخاض العسير, لأن الأستقرارالقائم على الاستبداد, من شأنه أن ينسف كلَ قيوده لحظة التخلص من المُستبد , لأن كمية الكبت الموجودة داخل المجتمع, تخرج مابعد الاطاحة بالحاكم والنظام, كعبوات مفجَرة لكل شيء, ومحدثة لفوض عارمة تحتاج السلطة البديلة, وفي الحالات الطبيعية ,الى وقت كاف ,لاعادة ترسيخ استقرار قائم على قيم مختلفة لقيم السلطة التي كانت سائدة . فكيف حال ليبيا ؟وقد عبثت فيها الفتن الداخلية , وهبَت فيها رياح البداوة , وغمرها جمر العشائر, والمناطق, تحصيلاً لشرف القبائل , وتحصيلاً, لمكاسب محصصة لسلطة يتمُ التعامل معها وكأنها كعكة يجب توزيعها على أسنان القبائل, والعشائروأفخاذها, وبواسطة السلاح, ومنطق الدبابات والراجمات. نأمل تصحيح مسار الثورة في ليبيا ,حتى لا يُبرر, ضرورة وجود الحاكم العربي المستبد بجزمة العسكر.
ليبيا بين الجنون والمجنون
ليبيا بين الجنون والمجنونعلي سبيتي
NewLebanon
مصدر:
لبنان الجديد
|
عدد القراء:
909
عناوين أخرى للكاتب
مقالات ذات صلة
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro