لم تؤمن الأحزاب في لبنان ذات الهويات ,والاتجاهات القومية, والماركسية, والاسلامية, باستقلال لبنان, واعتبروه شكلاً آخر للاحتلال الفرنسي, وفيلقاً ضارباً للطبيعة السورية التي انشقَ منها كترضية دولية لمسيحيي الشرق ,وكاهتمام فرنسي بموارنة لبنان . لذا لم نألف الاستقلال, نحن الذين جبلتنا البيئات السياسية المذكورة بوحول أفكارها, ودفعتنا المارونية السياسية الى تصديق مارواه روَاد النضال ضدَ الاستقلال المشبوه . وبتنا كارهين لنصر مسروق بحيلة أتقنها الفرنسيون, وصدقها شهداء الاستقلال. وقامت بيننا وبين الدولة سماكة سياسية بحجم المفاهيم التي كتبها كتاب قوميون وماركسيون واسلاميون هدَموا الدولة المصطنعة لصالح الدولة الطبيعية بصيغتها القومية بالنسبة للقوميين, والأممية بالنسبة للماركسيين, والخلافة أو الامارة, بالنسبة للاسلاميين .
كانت الحرب الأهلية الطريق المؤدي الى الصيغ المذكورة, والسبيل الأقرب لنيل الاستقلال الفعلي والحقيقي, والانجاز المفضي الى أحلام لطالما راودت روَاد النهضة العربية في لحظة ساخنة من لحظات تاريخنا العربي تأسيساً منهم لحركة نضالية موائمة لنضال الأمَة في سبيل فلسطين وزوال الاحتلال .
لن نسرد كثيراً سرديات يعرفها الجميع ممن عاينوا وعاشوا فترات المدَ الثوري بأحماله وأثقالة التي أرهقت لبنان, وجعلته ممراً ,أو مجرَد دور يؤديه بأمانة تلبية لنداءات خارجية, وحالت بينه وبين قيام الدولة, بالمعايير الخاصة بها, لا بالمعاييرالتي جعلت من شكل الدولة الموجودة والمتاحة, بقرة حلوب لصالح زعماء الطوائف والأحزاب .
بعد نهاية الدوراليساري ببعده القومي والماركسي, على ضؤ التجربة الفاشلة للأنموذج الأمَ في الأممية الاشتراكية ,والقومية العربية, ونتيجة لخسار اليسار أمام الاحتلال الاسرائيلي, بدأت نقلة نوعية في استرداد الاستقلال, وعودة الدولة, وتبني خيارها, ومهما كان مرَاً, بعد أن لحسوا مبرد الأمرَ والأدهى, وتماهى الاسلاميون مع العلمانيين ,عندما حصَلوا السلطة , من خلال تبنيهم لخيار الدولة اللبنانية ,لا دولة الخلافة, وباتت الشعارات المحرَمة حلالاً يتباهى بها صغار الحركات الاسلامية, عوضاً عن التيًارات الكبيرة, ولاح العلم اللبناني فوق منصات حزبية لطالما كان المنتسبون لها, يحرقونه تحقيقاً للوحدة, وحرقاً للتجزئة التي كرَسها " سايكس بيكو".
مايهمنا هنا, ونحن نلوح بعلم الاستقلال, هو التأكيد على أهميته في تكريس السيادة ,والتمسَك بحبل الدولة ,رغم ما يلفه, ويحاصره ,من احتلالات أكثر خبثاً ,وحيلة, من الاحتلالات السابقة, لعلَنا نساهم في ذلك جدياً بأحياء مناسبة وطنية متمسكون بها, كونها اضاءة على وجود يُراد تبديده من جديد.
من مع الاستقلال هو مع الدولة
من مع الاستقلال هو مع الدولةعلي سبيتي
NewLebanon
مصدر:
لبنان الجديد
|
عدد القراء:
799
عناوين أخرى للكاتب
مقالات ذات صلة
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro