تنتشر ظاهرة الفساد في لبنان على كل المستويات وتتسع رقعتها يوماً بعد يوم، فيتحكّم الفساد في جميع قطاعات المجتمع والمؤسسات الحكومية. ولعلّ ما حصل ليلة أمس ليس إلا عيّنة من عيّنات ما يجري تحت الطاولة المُتمسمرة فوق مأساة الشعب اللبناني.
فأثارت المعلومات التي ترددت ليل أمس عن تورط الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء إبرهيم بشير في عملية تهريب أموال بلغت قيمتها 10 ملايين دولار، ضجةً سياسية وإعلامية كبيرة، فأصدر المكتب الإعلامي لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بياناً أوضح فيه أن مصرف لبنان وضعه في صورة المعطيات المرتبطة بهذا الملف فتمت إحالة الموضوع إلى النيابة العامة التمييزية للتحقيق وإجراء المقتضى القانوني، فيما أفادت مصادر قضائية أن التحقيقات سرية في هذا الخصوص.
وكانت المعلومات أشارت إلى أن النيابة العامة التمييزية باشرت درس الملف بعد إحالته اليها من مصرف لبنان وذلك على ضوء تقرير تسلمه الحاكم من هيئة التحقيق الخاصة لمكافحة تبييض الأموال.
وأشارت المعلومات أن الهيئة وفي إطار مراقبتها لحركة الأموال اكتشفت حركة تداول مشكوك فيها لمبالغ تصل إلى 10 ملايين دولار أميركي. إذ تبين من حركة أحد المصارف أنه تم تحويل مبلغ 3 ملايين و600 ألف دولار منه إلى بلاروسيا باسم زوجة الأمين العام للهيئة العليا من خلال حساب مشترك بينهما. وعلم أن الأموال جمدت ولم تحول إلى الخارج بعدما وضعت الهيئة يدها على الملف.
وفيما تحفظت المصادر القضائية عن الإدلاء بأي معلومات في انتظار ما سيبينه التحقيق في الملف، أعربت أوساط ميقاتي عن استياء رئيس الحكومة من المسألة خصوصاً أن الهيئة تخضع لوصاية رئاسة الحكومة. وأفادت مصادر صحفية أن ميقاتي استدعى بشير وطلب منه تجميد نشاطه في الهيئة في انتظار جلاء ملابسات هذه المسألة ونتائج التحقيقات. وكان بشير وهو من مواليد باب التبانة في طرابلس، عيّن في حكومة الرئيس ميقاتي وتسلّم منصبه في نهاية تشرين الأول من العام 2011 خلفاً للواء يحيى رعد.
بينما نفى الأمين العام للهيئة العليا للاغاثة ابراهيم بشير الاتهام الموجه إليه بتهريب أموال، معتبراً أنها قضية سياسية لأن البعض مستاء من تحويل مؤسسة سنية إلى مؤسسة كبيرة تعمل لكل الناس. وأكد بشير عبر حديث تلفزيوني أن الهيئة لا يوجد فيها مبلغ 10 مليون دولار، وأن المبلغ الذي تم إرساله إلى بلا روسيا هو لابنه هناك وهو مبلغ بسيط جداً.
متهماً الأمين العام لمجلس الوزراء سهيل بوجي بالوقوف وراء هذا التشهير الإعلامي للتأثير على القضاة، ونفى أن يكون رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي قد جمد نشاطه في الهيئة، مؤكداً أنه هو من طلب إجازة لأنه لا يقبل أن يكون في هذا المنصب في الوقت الذي يحارب إعلامياً.
هذا وتم تكليف الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد خير بمهام الأمانة العامة للهيئة العليا للإغاثة مؤقتاُ، بعدما أعطى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الأمين العام للهيئة ابراهيم بشير إجازة إدارية. كما تم تفويض اللواء الركن خير ومحمد الدين دندشلي المستشار المالي لرئيس مجلس الوزراء بالتوقيع متحدين غير منفردين لتحريك حسابات الهيئة العليا للإغاثة.