يقف امام صلاة الجمعة في طهران منذ فترة فيدعو الشيعة للعرب الدخول الى سوريا والقتال الى جانب بشار الاسد في حربه ضد شعبه , وبالامس , سؤال وجّه الي من احد الناس العاديين في سهرة " ضيعوية "عادية : الا تعتقد اننا نحن في خطر داهم ؟؟ وسألته بدوري عن ال " نحن " , ليأتي جوابه السريع والمتوقع : الشيعة !! فبين ذاك وهذا , تكاد تتلمس بشكل واضح غياب اي وجود للشعور وللانتماء الوطني بحده الادنى , وبالمقابل ارتفاع منسوب الاحساس بالعودة الى التقوقع المذهبي بالمعنى القبائلي وليس بالمعنى الفكري عند الشيعة العرب , وهذا التموضع الخطير الذي وصلنا اليه لم يأتي من الفراغ وانما عُمل على التأسيس له منذ سنوات طويلة وعن سابق تصور وتصميم ساهم بذلك وبشكل كبير غياب اي مقاربة فقهية ( شيعي وسني ) لمفهوم الوطن بالمعنى الحديث للمصطلح ومحمولاته , لذا فلا تجد عند " الاسلامي " من الطرفين اي عضاضة لعدم اقامة اعتبار للحدود الدولية مثلا , فنفس المبرر "الديني " الموجود عند جماعة القاعدة والنصرة هو موجود عن حزب الله او عند لواء ابو الفضل العباس من ناحية عدم الاحترام لهذه الحدود , الا ان المفارقة الكبرى بهذا السياق تكمن بهذا التعارض بين شيعة ايران الذين وان ازدادوا تعصبا فلا يؤثر ذلك البتة على احساسهم الوطني ان لم اقل انهم يجيرون الاول لمصلحة الثاني , على عكسنا تماما , ومن هنا تجيء ذكرى عاشوراء هذا العام في ظل اشتداد أوار نار الفتنة السنية الشيعية كانعكاس لواقع ما هو الا خلاف مصالح بين ايران والسعودية فتوظف بشعارتها وادبياتها المستحدثة في خدمة هذا الصراع وعلى حساب اي من المصالح الوطنية المبعدة من حسابات الفريق الشيعي بتاتا وهكذا نجد احياء هذه المراسم الشيعية كعامل اضافي هذه الايام من اجل استئصال ما تبقى من فكرة الوطنية على الاقل في التفكير الجمعي عند الشيعة العرب وبالتالي فان ما يراد لهم هو بان يتحولوا الى ما يشبه " العرب الرحل " ليسهل بعد ذلك الى تحويلهم لمجرد مرتزقة بايدي الدولة الايرانية , ومن هنا فلا بد من الاضاءة على وصية الامام شمس الدين عندما دعا الشيعة العرب للانخراط باوطانهم لانه كان متنبه لما يمكن ان نصل اليه من تهديد وجودي ان نحن بقينا كشيعة عرب من دون اوطان .