ما زال التوتر والتناحر العقيم بين التيارات السياسية المناهضة للنظام السوري والموالية له يخيّم على أجواء طرابلس، حيث ارتفعت وتيرة الاشتباكات بين جبل محسن وباب التبانة يوم أمس على الرغم من إنطلاق الخطة الأمنية التي كان يفترض أن تضع حداً للإنتشار المسلح في كل المناطق ومنها المحاور الساخنة.
إذ لا تزال الإشتباكات مستمرة منذ أمس الأول، ورصاص القنص يطاول المحاور كافة، ولكن بوتيرة أخف من ليلة أمس التي شهدت إطلاق نار وسقوط قذائف صاروخية وإلقاء قنابل يدوية على محاور القتال لا سيما في شارع سوريا بعل الدراويش، الريفا، مشروع الحريري، الأميركان، البقار، تلة العمري، المنكوبين ومحيط جامع الناصري.كما أفيد عن مقتل 5 أشخاص. وارتفع عدد الجرحى إلى أكثر من 35.
واشتدت المعارك على كل المحاور في منتصف الليل كما تعرّض الجيش للقنص المباشر، و لإطلاق القذائف على مراكز تواجده.وردّت وحدات الجيش اللبناني على مصادر النار وسيّرت دوريات مؤلّلة على الخط الفاصل بين المنطقتين وعلى طول الأوتوستراد الدولي الذي يربط طرابلس بعكار.وأفادت مصادر صحفية عن وصول آليات تابعة لفوج المغاوير في الجيش اللبناني وتستعد للإنتشار على المحاور.
بينما يُسجل في هذه الأثناء انتشار كثيف للجيش اللبناني حول منزل رفعت عيد.
وترى بعض الجهات أن التوتر الأمني في طرابلس يؤكّد على هشاشة الخطة الأمنية التي أعلن وزير الداخلية مروان شربل عنها في الشمال، أو يندرج في سياق التحضير للمعركة الأكبر التي ستتزامن مع بدء معركة القلمون بريف دمشق، والتي تشير بعض المعلومات أنها باتت قاب قوسين أو أدنى، بينما تحدثت معلومات أخرى عن بدء أولى مراحلها.
وأكد من جهته الأمين العام لـ"الحزب العربي الديموقراطي" رفعت عيد أن الخطة الأمنية في طرابلس غير موجودة أصلاً لكي تنجح أو تفشل، مشيراً إلى أن الذين يقتحمون المستشفيات هم مسلّحون غير منضبطين.
وأعلن النائب محمد كبارة أن السلطة السياسية فشلت في معالجة الأوضاع الأمنية في المدينة، وقال: " طرابلس تستغيث، وهي في حال صعبة جداً، معيشياً واقتصادياً وأمنياً"، لافتاً إلى مؤامرة تستهدف مدينة طرابلس لتصويرها بأنها خارجة عن القانون ومدينة للتكفيريين.
ورأى كبارة أن الشمال وعرسال أصبحتا صندوق بريد لمصالح داخلية شخصية.
هذا وتمّ إقفال معظم المدارس والجامعات لليوم الثاني على التوالي، واستمرّ قطع عدد من الطرق، منها الطريق الدولية التي تربط طرابلس بعكار ودوار نهر أبو علي والزاهرية، بسبب أعمال القنص التي تطاول المناطق المجاورة للمناطق التي تدور فيها الإشتباكات.
فإلى متى سيبقى لبنان عامةً وطرابلس خاصةً ساحةً مفتوحة لتصفية الحسابات المحلية والإقليمية..؟؟ ربّما كانت الإجابة على هذا السؤال معضلةً متأصّلة بعقلية اللبناني الذي تربّى على روح التبعية الخارجية والعبودية السياسية..