انتهت جولة جديدة من المفاوضات بين طهران ودول مجموعة الخمسة + ١ في جنيف ، حول الملف النووي الإيراني ، والتي استدرجت على هامشها اجتماعا ثنائيا أميركيا إيرانيا ، خرج على اثره ناطق بلسان الخارجية الاميركية ليقول ان اللقاء الذي استمر لنحو ساعة كان مفيدا ، وقد استبق البيت الابيض هذه الاجتماعات بإطلاق إشارات لا توحي بالكثير من التفاؤل ، باعلانه انه لا ينبغي توقع انفراج بين ليلة وضحاها مع طهران ، ذلك ان المناقشات بشان البرنامج النووي الإيراني معقدة ، على الرغم من الإشارات الإيجابية في اللغة الإيرانية خلال الآونة الاخيرة - وفق تعبير المكتب البيضاوي - الذي عاد وذكر بان الضغوط الاقتصادية على ايران ستظل قائمة ..
ويبدو ان الجمهورية الاسلامية تعول كثيرا على محادثاتها هذه مع الغرب بهدف التخفيف من قساوة العقوبات الاقتصادية عليها ، ولا سيما بعدما ادخلها التفاهم الاميركي الروسي حول الاسلحة الكيميائية السورية ، كقطب بارز من أقطاب النفوذ في المنطقة ، بحيث يتوقف على مسار خياراته السياسية ، اتجاه الامور بالنسبة للكثير من الأزمات في أرجاء المعمورة ، في طليعتها الأزمة السورية وما يتركه الإنفراج على مستواها او عدمه ، من انعكاس فعلي وأكيد على بوصلة الخلافات المستحكمة بالوضع الداخلي اللبناني ، والذي يتصدرها الخلاف حول الملف الحكومي .   وفي ضوء تشبص رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بالضربة الوقائية ضد طهران : "ان حربا وقائية هي واحدة من أصعب القرارات التي يتعين على الحكومة اتخاذها ، لانه لا نستطيع ان نثبت ما يمكن ان يحصل اذا لم نتحرك ". لا تستبعد مصادر ديبلوماسية مطلعة انه في حال فشل المفاوضات بين ايران والغرب  - والتي أعلن كبير المفاوضين الإيرانيين عباس عراقجي ان جولتها القادمة ستعقد على الأرجح في تشرين الثاني المقبل - ان ترجح كفة الخيار العسكري ، وبالتالي تتعرض ايران لضربة عسكرية غربية او إسرائيلية - يتأثر لبنان بالطبع من جرائها ، نظرا لارتباط طرف اساسي داخلي وهو حزب الله ، بعرى وثيقة مع النظام الإيراني ..  
فالملفان السوري من جهة ، والنووي الايراني من جهة اخرى، هما على تماس تأثير مباشر على الوضع الداخلي اللبناني، بعدما تحول خيار النأي بالنفس الذي تتخذه الحكومة اللبنانية ، الى مجرد شماعة يعلق عليها أطراف الداخل إتهاماتهم تجاه بعضهم البعض . واذا أضفنا الى ذلك أزمة اللاجئين السوريين وما تلحقه بالاقتصاد اللبناني والأمن الاجتماعي اللبناني من مخاطر جمة ..
عندها يغدو الكلام التفاؤلي والأجواء التي توحي باقتراب فتح كوة ما في جدار عملية التاليف الحكومي ، بعيد عيد الأضحى ، ليس سوى لعبة من ألآعيب تقطيع الوقت ، وقذف الآمال والتمنيات من مرحلة الى مرحلة .. وهو الامر الذي اصبح لاعبو الداخل على براعة تامة به ، كونهم يدركون جيدا ان مفاتيح الحل والربط ليست بيدهم .. بل بيد الخارج .. 
 والى ان تصبح لدينا القدرة على مسك زمام امورنا بأنفسنا .. كل أضحى وانتم بخير ..