شُتم الكثيرون من المحللين للمواقف الروسية في منطقة الشرق الأوسط, وخاصة في مايتعلق بالأزَمة السورية, وبمُضاعفاتها من قبل صبية " الفيس بوك " عندما تمَ تداول الموقف الروسي في زاوية الرؤية الفعلية لدولة تبحث عن مصالحها لا عن مصطلحات طمرتنا منذ النشأة وأسهمت في تخلف مجتمعاتنا وازدياد أزماتها المفتوحة على كلَ شيء . كنا نقول بأن الروسي يتعاطى في الموضوع السوري وفق ذهنية منفعية مرتبطة ببحثه الدائم عن استثمارات اقتصادية, أكثر مما يبحث الآخرون, عن استثمارات سياسية . من هنا كتبنا عن زيارة بندر بن سلطان الى روسيا وعن عرضه الاقتصادي والذي دفع القيادة الروسية الى اعادة النظر في حساباتها السورية وتبين أن بوتين قد أعاد فعلاً النظر في مسلكه السياسي السوري واتَضح ذللك من خلال مؤشرات كثيرة, وفي مُقدمتها نأي روسي عن ما ستتعرض له من ضرية أمريكية ,وأنه لن يكون جزءًا من الحرب اذا دارت رحاها في منطقة الشرق الأوسط . بهُت الكثيرون ممن يتطلعون الى الأحداث من زوايا عاطفية وطائفية وحزبية وأهوائية, وصدموا كما صُدموا مؤخراً من الأترك والقطريين بعد أن فتحوا لهم صدر جبهة المقاومة والممانعة واعتبروها محوراً مقابل محور عربي واقليمي ,وأوغلوا كثيراً في تلقيبهم بألقاب تتصل بمعجمهم التأليهي. بالطبع نحن نتعاطى في السياسة ,ونحلل موادها بناءًا على منظومة المنافع والمصالح, لا على منهجيات غير عقلية . لذا لم تُفاجؤنا التحولات السياسية التركية والقطرية ,ولم نكترث للمواقف الروسية النائية عن الاشتراك بالحروب لأنها ديدن الذين لا يملكون شيئاً فيغامرون بها في حين أن الدول والجماعات التي تملك ثروات متعددة تهرب من الحروب, ولا تتداخل فيها, بل تسعى لاستثمارها عن بُعد . كما وأنني أعتبر أن المواقف تعبر باستمرار عن مصالح, لا عن أهواء وأمزجة, كما هي حال الكثيرين من الجهاديين المتفرغين للحروب دون مكاسب . لقد تصرف القائد الروسي امتثالاً لمصلحة الدولة ,وما تُمليه عليه شروط الدولة ,لابناءًا على شروط ومعايير خاضعة للكرامة والعزَة والشهامة والتضحية وسبحة طويلة من المفردات التي لا تُطعم جائعاً روسياً, ولا تسهم في انعاش الوضع الاقتصادي المُتردي في بلد يحتاج الى فتح أسواق جديدة والى استثمارات جديدة تدفع بعجلة الاقتصاد الى الأمام, لا الى مستويات فقرية معدومة مقابل مصطلحات لا تُصرف في أي معاملة من المعاملات والاحتياجات اليومية . لهذا نقول للشتَامين فكَروا ولا تشتموا حتى نعمل معاً في تقدَم أوضاعنا وبمستوياتها كافة, وفي تحسين شروطنا السياسية والاجتماعية في بلد أكلته الطائفية ولا مكان لنا فيه الا كجماعات متحمسة للموت فداءًا عن زعماء يملكون كلَ شيء, ونحن لا نمللك حتى الرغيف . ان لعبة المصالح سياسة الدول, ومن بينها روسيا, وستجدون أن مصالح روسيا قدَ تنبني على أنقاض النظام السوري, ولا قيمة لكل المعايير التي تكتالون بها . أحببت أن أتوجه الى الشتَامين والسبَابين من صبية " الفيس بوك" حتى نتحسَس معاً أوجاعنا المشتركة, ولكيَ نتفق ونختلف بموضوعية ودون لعن, وقد نهانا أمير المؤمنين علي عليه السلام عن السب والشتم, فلماذا نخالفه ونكون من السبَابين والشتَامين واللاعينين .