ساعات قليلة ويصعد رمضان إلى رب السماء وينتهي شهر الخير والطاعات والبركة، شهر الصوم الذي لن يصوم فيه البشر عن القتل والغدر والحقد والخيانة.
وما زالت معضلة مسير الشيعة تحت لواء حزب الله إلى القتال في سوريا تثير تساؤلات كثيرة، ومشكلات كبيرة في لبنان والجوار. فكيف سيستقبل أهالي شهداء حزب الله الذين قضوا نحبهم في الحرب السورية عيدهم، وكيف سيفرح الأطفال الذين حُرموا من آبائهم من نعومة أظافرهم.
فهذا سامي مسلماني جنوبي من صور ودّع نجله ابرهيم في حفل تشييع مهيب في محلة روضة الشهيدين في الغبيري منذ أسابيع، وكان ابرهيم قد سقط في سوريا وهو عضو في المقاومة الإسلامية.
وهذه الواقعة التي حصلت لدى عائلة مسلماني عاشتها الألوف من العائلات الجنوبية والبقاعية التي التحق أولادها عن إيمان راسخ واقتناعات في صفوف المقاومة الإسلامية، لخوض ما يسمونه بمعركة الوجود التي فُرضت عليهم. بينما يبقى البعض محتفظاً بقليلٍ من الوعي ويرى بأن تدخل حزب الله بالأزمة السورية هو الذي يستدرج الجيش الحر أو جبهة النصرة ليقاتلوننا في بيوتنا.
وتجدر الإشارة إلى أن مسلماني كان يقاتل في الجبين إبان عدوان تموز 2006 وتصدّى للدبابات الاسرائيلية إلى جانب نجليه حسن وعلي حين سقطا بدورهما في أرض المعركة.
وفي تموز 2013 سقط نجله الثالث ابرهيم في الأراضي السورية وليس في الأراضي اللبنانية تلبية لنداء المقاومة ونداء إيران، وهذا لسان حال سامي: "هل رضيت يا رب… خذ حتى ترضى".
ومن ناحية ثانية فإن لسورية دوراً آخر في حزن اللبنانيين في العيد، فإذا كان أهالي شهداء الحرب السورية سيقضون عيدهم على المقابر، فأهالي المفقودين في السجون السورية أين سيقضون عيدهم، مع الذكرى، مع الألم، وكأنهم يعيشون على وتيرة الموت البطيء بانتظار أحبة غادروهم من دون الإعلان عن موعد عودتهم إليهم. يتوهون في ذكريات وقصص عاشوها معهم يطغى عليها الفصل الأخير المتجسد بمأساة يعايشونها منذ اختفائهم وبعدهم عن عيونهم، لا يعرفون مصير أولادهم إن كانوا أحياء أم أموات، فهم في حالة عذاب مستمر وقلق وعدم استقرار نفسي على جميع الأصعدة.
فهل قتال حزب الله في سورية عادلاً بحقه وحق وطنه أم لا، ومتى سترفض الأم التي فقدت ابنها في القتال بالقصير إرسال ولدها الثاني والثالث للقتال في ريف دمشق وغيرها من المناطق السورية المشتعلة؟ وهل آن لحزب الله أن يتوقف عن التدخل في الحرب السورية، خاصة بعد أن توسعت دائرة المعركة بين الحزب والجيش الحر وأرخت بسدائلها المظلمة على الأراضي اللبنانية، فليكن الله مع عوائل الشهداء والمفقودين في هذه الأيام العصيبة، عسى أن تبصر قلوبهم بالفرج القريب..