تعاني مصر من مشكلة الألغام الأرضية المضادة للأفراد والدبابات والمنتشرة فى مساحات كبيرة فى منطقة الساحل الشمالى وسيناء ، فقد خلفت الحرب العالمية الثانية فى منطقة العلمين جنوب الساحل الشمالى وحتى حدود مصر الغربية ما يقرب من 17.5 مليون لغم تحتل مساحة تزيد على ربع مليون فدان صالحة للزراعة ، كما خلفت الحروب المصرية الإسرائيلية ما يقرب من 5.5 مليون لغم فى سيناء و الصحراء الشرقية . وحسب الإحصاءات الرسمية يوجد في مصر حالياً حوالي 21.800 مليون لغم بعدما كان 23 مليون لغم ، وذلك بعد نجاح القوات المسلحة المصرية منذ عام 1995 فى إزالة ما يقرب من 1.200 مليون لغم.
الأثار السلبية للألغام فى مصر
مما لاشك فيه أن وجود هذا العدد الهائل من الألغام يعوق التنمية على النحو التالى:
:- الصحراء الشرقية
1- إعاقة العديد من مشروعات التنمية السياحية بشواطئ البحر الأحمر وسيناء وإرتفاع تكلفة المشاريع التى تقام بهذه المناطق لإرتفاع تكاليف تطهيرها من الألغام.
2- إعاقة عمليات التنمية الصناعية وإنشاء مجتمعات عمرانية جديدة بجانب التكلفة الباهظة لتطهير المناطق المخطط لتنميتها
إعاقة عمليات التنمية الزراعية فى بعض مناطق سهل الطينية و بالوظة وشمال سيناء 3-
تعطيل عمليات التنقيب عن البترول 4-
:- الصحراء الغربية
أ- تعطيل زراعة مساحات شاسعة من الأراضى الصالحة للزراعة على توافر المياه اللازمة لها فى مناطق مثل الحمام والعلمين.
ب- تعطيل إقامة مشروعات التنمية فى الساحل الشمالى وبعض مناطق مرسى مطروح.
جـ- تعطيل مشروعات منخفض القطارة كأحد المشروعات العملاقة لتوليد الطاقة بسبب اعتراض الألغام لطريق القناة.
د- التنقيب عن البترول.
- - مشكلات وعوائق إزالة الألغام فى مصر
أ- تعدد أنواع الألغام المضادة للأفراد والدبابات التى زرعتها قوات الحلفاء والمحور فى صحراء مصر الغربية خلال الحرب العالمية الثانية.
ب – مشكلات تحريك الألغام من اماكنها بسبب الكثبان الرملية ، والتغيرات المناخية على مدى نصف قرن.
جـ - مشكلات حساسية الألغام للإنفجار بسبب تقادمها أو بسبب العوامل الجوية.
د – إختفاء أو عدم وجود خرائط لهذه الألغام.
هـ - عدم وجود طرق ممهدة للمناطق الملغومة.
و – عدم توافر معدات حديثة متقدمة تكنولوجياً لإستخدامها فى عملية إزالة الألغام.
ز – التكلفة المالية التى تحتاجها عملية إزالة حوالى 23 مليون لغم.
ح – ضخامة الأعباء البشرية المرتبطة بعملية إزالة الألغام ، وعدم وجود العدد الكافى من الخبراء.
ط – عدم إدراج مصر على خريطة العمل الدولية لمكافحة الألغام
الجهود المبذولة لإزالة الألغام فى مصر
- مطالبة مصر الدول التى زرعت الألغام فى أراضيها بتحمل مسئولية إزالتها ، وذلك خلال مؤتمر نزع السلاح بجنييف 1996
- اللقاء الذى تم بين وزير الدفاع المصري ونظيره الألمانى فى مارس 1998 ، والذى أبدت فيه ألمانيا استعدادها لتقديم المساعدة التكنولوجية والمالية لإزالة الألغام ، وقدمت ألمانيا لمصر 110 جهاز للكشف عن الألغام فى أكتوبر .1998
- مطالبة مصر من خلال مندوبها فى الأمم المتحدة الدول التى زرعت الألغام فى مصر بتحمل مسئوليتها وتقديم الخرائط وسجلات حقول الألغام ومواقعها ، وذلك خلال أجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة عام .1993
- الكتاب الذى أصدرته وزارة الدفاع بعنوان : " القتلة الحديدين Iron Killers " ، والذى كان بمثابة توعية عالمية بمشكلة الألغام فى مصر.
.- طرح موضوع الألغام فى مصر من خلال مناقشات لجنة التعليم والبحث العلمى بمجلس الشعب
الجهد الذى قامت به وزارة الخارجية المصرية فى الاتصال بالدول المعنية ، وعلى رأسها- بريطانيا وألمانيا ، ومطالبتها بتقديم مساعدات وأجهزة ومنح تدريبية لإزالة الألغام.
مركز مكافحة الألغام بمصر
تأسس كأول مركز فى مصر ومنطقة الشرق الأوسط لمكافحة الألغام وهو منظمة غير حكومية تم تأسيسها فى الثالث من ديسمبر عام 1997 ، بهدف التعاون مع العديد من المنظمات الدولية والإقليمية والجهات الرسمية التى تعمل فى مجال مكافحة الألغام فى العالم ، وهو يضم نخبة من أساتذة الجامعات والصحفيين والمحاميين والأطباء والمهندسين والكيميائيين ، وتقوم مرجعية المركز على قواعد القانون الدولي الإنساني ، والإتفاقيات الدولية التى تكافح الألغام.
ويمكن رصد أهم الأهداف المنوط بالمركز القيام بها على النحو التالي:
.- الرصد الجغرافى الدقيق لمواقع الألغام ، وتحديدها بحواجز وأشارات تحذيرية
.- رصد الأعداد الحقيقية لضحايا الألغام من قتلى أو مصابين ، وتصنيفهم
- تقديم الخدمات القانونية والصحية لضحايا الألغام ، وتأهيل المعاقين للأندماج مع باقى أفراد المجتمع.
.– التوعية بخطر الألغام
- تطهير المناطق المصابة بالألغام عبر الأستفادة من الجهود الدولية والرسمية والشعبية المحلية.
وقد حرص المركز فى سبيل تدعيم عمله على تبادل البيانات والمعلومات والخبرات فى مجال مكافحة الألغام مع الدول والمنظمات المعنية . وقد أسفر جهد المركز عن حصوله على عضوية الحملة الدولية لحظر الألغام .. وعضوية ائتلاف المنظمات غير الحكومية من أجل إنشاء محكمة جنائية دولية . كذلك استطاع المركز إعلان تأسيس الحملة العربية لمكافحة الألغام والمكونة من 13 منظمة غير حكومية.
ـ موقف مصر من أتفاقية اوتاوا لحظر الألغام:
على الرغم من أن مصر لم توقع على إتفاقية اوتاوا لحظر استخدام ونقل وتخزين وإنتاج الألغام المضادة للأفراد فى ديسمبر 1997 ..إلا أنها ساندت من حيث المبدأ الهدف من هذه الاتفاقية .. وقد سبق وشاركت مصر فى كل المراحل التمهيدية السابقة على توقيع الإتفاقية.
وقد طالبت مصر فى اجتماعات الخبراء لمناقشة مشروع الإتفاقية فى أوسلو فى سبتمبر 1997 .. بمزيد من الضغط الدولى لدفع الدول التى شاركت فى معارك الحرب العالمية الثانية على أرض مصر ، إلى تقديم خرائط الإلغام ، وتقديم الدعم الأكبر لإزالتها
ويمكن عرض الموقف المصري من عدم توقيعها على إتفاقية اوتاوا كالآتي:
- إن مصر تتفق تماماً مع الهدف الأنسانى للإتفاقية .. إلا أن صعوبة موافقاتها على الأنضمام ، يرجع لإنها تعيق مصر عن ممارسة حقها المشروع فى الدفاع عن النفس والحفاظ على أمنها القومى ، وكذلك حقها فى الحصول على المساعدات اللازمة لتطهير ألغام زرعت فى أراضيها
- مطالبة مصر النظر بعين الأعتبار للطبيعة الجغرافية لها .. حيث الحدود الشاسعة والتى ليس فيها اى موانع تحول دون عمليات التسلل ، وقد تلخص مطلب مصر الأمنى فى الحصول على بديل اقتصادى مناسب للألغام .. وقد تم شرح هذا الموقف خلال المراحل التمهيدية لإعداد مشروع الإتفاقية.
- إن استفادة مصر من المساحات الملغومة والتى بها ثروات كثيرة مختلفة .. لن تتحقق إلا بتوافر المسئولية الدولية للمساعدة فى تطهير الألغام ، والمسئولية النسانية التى تحتم احترام الحقوق الشرعية للأنسان.
لقد أضحت الصورة أكثر إيضاحاً للمأساة التي تخلفها الألغام على البشرية ، ومع تدفق المعلومات التى أصبحت الآن متاحة للجميع وتبين مدى حجم الخسائر البشرية من إستخدام هذه الألغام ، و أصبح التحرك الدولي حاسماً ونشطاً فى مواجهة هذه القضية . فقد ولدت هذه المعلومات اهتماماً دولياً واسع النطاق بمشكلة الألغام فى العالم وسبل مواجهتها , بعد أن كان العالم إلى وقت قريب يجهل هذه القضية تماماً ، أو لا يضعها فى دائرة إهتمامه . ولعل الحملة الدولية لحظر الألغام التى بدأت نشاطها منذ عام 1991 ، وتدخل الأمم المتحدة بثقلها وامكانياتها من عام 1994 للبحث عن حلول جذرية لهذه المشكلة.
وما تمخض عن الإهتمام الدولى بها فى توقيع 135 دولة على إتفاقية دولية تحظر وتحرم إستخدام الألغام الأرضية ، كل ذلك أصبح مدعاة لتحقيق حاجة المجتمع الدولى الملحة لتضافر الجهود الدولية والإقليمية والمحلية لمواجهة هذا الحظر والقضاء عليه.
غير أنه يبقى السؤال المهم .. حول مدى إلتزام الدول التى زرعت ألغاماً فى أراضى الغير ، وتركتها رغم إنتهاء العمليات الحربية ، والأمثلة على ذلك كثيرة مثل الألغام المزروعة فى مصر وافغانستان .. وللإجابة على هذا التساؤل .. أننا نعتقد بوجود إلتزام على عاتق هذه الدول بإزالة وتطهير هذه الألغام للأسباب الآتية:
- إن الجمعية العامة للأمم المتحدة إيدت مطالبات الدول التى تصيبها أضرار نتيجة لتواجد مخلفات الحروب ومنها الألغام على أراضيها ، والتى تطالب بدفع تعويضات لها من الدول المسئولة عن ذلك ( القرار 36 / 188 لسنة 1981) والقرار (39/139 لسنة 1984) والقرار (48 / 7 لسنة 1993) والقرار (49 / 215 لسنة .1994)
- وجود قاعدة من قواعد القانون الدولى العام أو العرفى تقضى بإلزام من وضع الألغام بطريقة تؤثر على حياة المدنيين أو سلامتهم الجسدية .. بإزالة تلك الألغام وتحمل تكاليف إزالتها . وهو إيضاً ما يمكن الاستفادة به من إتفاقية اوتاوا لعام 1997 ، والتى اعترفت بوجود قواعد يقرها القانون الدولى بخصوص الألغام حيث نصت المادة 20 / 4 من الإتفاقية على أن انسحاب الدولة الطرف من الاتفاقية لا يؤثر بإى طريقة على واجب الدولة فى الاستمرار بالوفاء بالإلتزامات المقررة وفقاً لأى من قواعد القانون الدولى ذات الصلة.
وبالنظر إلى واقع مشكلة الألغام الأرضية فى العالم ، فإن إزالة الألغام أو تطهيرها يجب أن يتم عن طريق التعاون بين كل طرف من الأطراف المتحاربة والمسئولة عن زراعة هذه الألغام بغض
النظر عن ملكية الأرض المنزرعة فيها
- تفعيل التعاون الدولى طبقاً للإتفاقيات الدولية - إنشاء آلية فعالة تقوم بمهمة التنسيق والمتابعة لعمليات إزالة الألغام ومراقبة زرعها إبان النزاعات والحروب.
- تفعيل دور المنظمات الدولية والإقليمية والمحلية وغير الحكومية المتخصصة ومدها بالدعم المناسب لممارسة دورها على اكمل وجه..