تشكلت جماعة الاخوان المسلمين كتيار ناطق باسم الاسلام وكجهة نبوية داعية الى الله والى أحكامه وتشريعاته كمقدمة ضرورية لبلوغ الهدف الأسمى وهو اقامة حكم الله لا حكم الشيطان المتمثل بصيغ الحكم الأخرى والوافدة من أفكار وضعية أو دينية غير اسلامية .
اذاً الدعوة وأسلمة المجتمع ومن ثمَ العمل للوصول الى تطبيق الشريعة السمحاء بواسطة حكم اسلامي اخواني يضمن للمسلمين حياة مفتوحة على رغد الآخرة ونعيمها. وقد اعتبرت الجماعة أن مقاييس السلطة الناجعة والناجحة بالنسبة لها هي تلك المستحضرة لتجربة الصحابة في الحكم وخاصة تجربة الخليفتين أبي بكر وعمر بن الخطَاب .
شيعياً تأسس حزب الدعوة في فضاء اسلامي يستدعي المجتمع الى التخلي وترك الأفكار المشبعة بعقائد أهل الالحاد كمرحلة بناء ضروري لاقامة الحكم الاسلامي تطبيقاً لارادة الله في الأرض واقتراباً من تجربة الولاية الرائدة في التاريخ كنموذج حكم استثنائي لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب .
من خارج دائرة التفكير الدعوتي لكل من حزبيَ الاخوان والدعوة ولد حزب الله على ايقاع جهادي كمقدمة فعلية وأساسية قادرة على تحقيق مكاسب سريعة تنقل المجتمع من دار الكفر الى دار الاسلام بدلاً من اعتماد وسائل القراءة والتعاليم المسجدية القادرة على احراز نجاحات محدودة سوف تجعل من مرحلة التهيئة والتمهيد عملية طويلة جداً في وقت أنَ مسوغات الجهاد تعطي نتائج أفضل وأسرع من مواعظ أهل الوعظ التاريخي .
آمن حزب الله بالاسلام الجهادي لا الدعوتي وخطَ لنفسه طريق ذات الشوكة واستحضر الامام الحسين كتجربة حاول مقاربتها استشهاداَ يقرَبه زلفة من الله ويمكَنه من اقامة حكم الاسلام بطبعته الولايتية وببعده المهدوي لاقامة العدل في ارض ملئت ظلماً وجوراً لبعد العباد عن ربَ العباد وعن الدعوة اليه والجهاد في سبيله .
من هنا ولدت ثلاثة محاولات اسلامية بأبعاد مذهبية تجدَ في نمطيَ الصحابة والولاية ملاذاً آمناً للأمة ومجالاً مفتوحاً على سعادته في الدارين واستطاع أصحابها من الوصول الى الحكم في العراق –حزب الدعوة – فتخلوا عن تجربة الاسلام في الحكم وتمسكوا بالتجربة المدنية القائمة على التعددية والديمقراطية وهم يواجهون الدعوات الدينية الاسلامية بقسوة باعتبارها أدوات لهدم البناء الوضعي للتجربة الديمقراطية في العراق .وكذلك كانت محاولة الاخوان في مصر والتي لم تكتمل لسؤ استخدام السلطة اذ أنهم وصلوا الى الرئاسة ونشدَقوا بالديمقراطية وتناسوا عداءهم التاريخي لها واعتبروا الدولة المدنية الدولة الجامعة والصيغة الأفضل للمجتمع المصري .
حزب الله لم يصل الى ماوصل اليه حزبيَ الدعوة والاخوان الا أنَه تماشى مع الواقع وشطب من أعلاناته الدعوة الى الحكومة الاسلامية باعتبارها دعوة غير واقعية في بلد متعدد وانخرط في الصيغة اللبنانية بعد أن كان يعتبرها صيغة غير اسلامية وهو الآن في الطريق الذي يتلاقى فيه مع العلمانيين ويتطالق فيه مع الاسلاميين .
اذاً ثمَة واقع فرض نفسه على أهل العقائد فلا حزب الصحابة يصلح لمصر ودول أخرى ولا حزب الولاية صلح في العراق وبلاد أخرى وبقيت صيغة التجربة البشرية في الحكم أقرب للمداولة بالنسبة للاسلاميين من التجربة الدينية .
الاسلام بين حزب الولاية وحزب الصحابة
الاسلام بين حزب الولاية وحزب...علي سبيتي
NewLebanon
مصدر:
لبنان الجديد
|
عدد القراء:
793
عناوين أخرى للكاتب
مقالات ذات صلة
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro