تميم شيخ العرب

غادر أمير قطر ووزيره الحياة السياسية بعد مجالدة كبرى في صناعة دولة قادرة على محاكاة الدول الكبرى رغم صغر سنَها وضيق مساحتها وقلَة شعبها واستطاعا معاً الوقوف ندَاً للمملكة العربية السعودية في مجلس التعاون وخارجه وفي كثير من المحطات وكثير من الملفَات والعناوين وأن يلتزما القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية واتاحة الفرصة أمام حركة حماس لاختراق جدار "فتح" السلطوي كفصيل مماثل في الرؤية وصياغة تجربة جهادية عافها الفتحاويون بعد أن أغرتهم السلطة الفلسطينية.
ومن خلال ضغط قطر تجاوبت السلطة الفلسطينية ورضخت لضغط أوروبي مماثل أيضاً لاجراء انتخابات شبه نزيهة يعبَر عنها الفلسطينيون بحرية لتنقية أحزابهم الممثلة لهم في السلطة الفلسطينية ولتظهيرالاختراق الحمساوي للفتحاوي الممسك برقبة السلطة ومفاصل منظمة التحرير وباقي التشكيلات الفلسطينية .
كسحت حماس في أوَل الانتخابات وبدت "فتح" جناح متواصع أمام المقاومة الحمساوية وانطلقت من حركة ملاحقة من قبل الرئيس عرفات في مرحلة من المراحل الى حركة مترئسة لحكومة السلطة الفلسطينية بغلبة برلمانية أعادة قراءة المشهد الفلسطيني بطريقة أخرى من قبل العرب والغرب معاً .
كان صعود حماس يتمَ بواسطة مصعد قطري سياسي ومالي واعلامي طبعاً اضافة الى مصاعد وعناصر أخرى مساعدة لدور حماس الريادي والطليعي.
لعبت قطر ومن خلال الأمير ووزيره دوراً أساسياً في لبنان أثناء عدوان تموز وبعيد العدوان بحيث دخل أمير قطر لبنان دخول الفاتحين وعلى يمينه الرئيس نبيه بري وعلى شماله قيادة المقاومة وباتت أموال قطر وصور الأمير سمة جنوبية لطالما تغنَى بها المدَاحون من أهل الشعر والسياسة .
وكانت قطرة قطر في اتفاق الدوحة ضرورة للخروج من أزمة 7أيَار وما نتج عنها من تداعيات خطيرة على السلاح الذي ظهر في شوارع بيروت وعلى المقاومة كاطار وطني .
ومع الربيع العربي وفي بدايات تفتحه هلل الأمير ووزيره للثورات العربية وانحازت قطر الى الموجات الاخوانية كنتائج للصناديق الشعبية ومدَت الثورة السورية بما أتاحته المواقف الأمريكية من وسائل دعم وقادكلَ من الأمير ووزيره مجلس الجامعة العربية ووقف كعربي أمام الروسي رافضاً شروطه السورية في الابقاء على النظام وعدم اجراء تغيير فعلي في بنية السلطة السورية وكذلك كان لهما الباع الطويل في مجلس التعاون الخليجي كخصم للنظام العربي الذي تُثار فيه شعارات : الشعب يريد اسقاط النظام .
كلَ العرب ينظرون الى قطر بعين الجزيرة وبالارادة القادرة على الفعل رغم مكوَناتها المتواضعة لذا كان مفاجئاً قرر التسليم لتميم بالامارة واستبعاد مهندس السياسة العربية الحديثة الوزير حمد بن جاسم الأمر الذي يجعل من السؤال أسئلة كثيرة وملحة وهي لاتخلو من العلامات الاستفهامية الكبيرة وحتى الآن لم تستطع مادة التحليل تعليل الأسباب رغم ما جاء في المعلومات الغير موثقة بأن الادارة الأمريكية أمرت كلَ من "الحمدين" الابتعاد عن السلطة وتسليم تميم عباءة الحكم والاً أُفردا افراد الموضوعين على اللوائح السوداء واتخذت بحقهما اجراءات قاتلة بعد أن أخطأ في ملفات كثيرة ومن بينها الملف السوري .
معلومة لا تبعث على الاطمئنان الاَ أنَها وحيدة في ديار الخليج والجدير ذكره أن قطر أصبحت في يدَ الشاب تميم فهل يصلح ما أفسده الشيخ؟
ربما المواقف الأولى تشير الى ماهية الأمير الجديد في دولة ماكانت لتُذكر أحداثها الداخلية لو لا أنها أصبحت دولة قائدة في متوسط تسبح في مياهه حيتان من الدول الكبيرة .