من جنيف، لا ينتظر ميشال كيلو لا حلا ولا تسوية في المدى القريب.
المعارض السوري ورئيس «المنبر الديموقراطي» قد يذهب إلى «جنيف 2» إذا ما وجهت إليه الدعوة، بعد أن طرح اسمه كآخرين من «الائتلاف الوطني السوري» المعارض الذي انضم إليه حديثا. فلا النظام ولا المعارضة على استعداد للتفاوض من اجل تسوية. أما الخيار العسكري فهو الأقرب إلى نفسيهما «إلا انه مع ذلك لا يفضي إلى انتصار المعارضة، بل إلى منع هزيمتها والصمود طويلا».
المعارض العلماني استعان بالسعودية في هجومه على حلفاء قطر وجماعة الإخوان المسلمين لتأسيس قطب ديموقراطي، وانتزاع استقلال المعارضة من المحاور الخليجية، كما يقول، «لان المعارضة السورية ترتكب جريمة لو اصبحت تابعة لدول الخليج». «السفير» حاورت ميشال كيلو في باريس.
÷ هل المعارضة السورية جاهزة لجنيف؟
} لا اعتقد. المعارضة لا تملك خطة للتفاوض، قد يكون من بينها هنا أو هناك احد من العباقرة، لا اعرفه، إلا أنها غير جاهزة للتفاوض. ينبغي أن يكون جنيف مكانا لعملية نقل السلطة، وعلى من يحرص على الذهاب إليها ألا يضيع بالسياسة ما جناه الناس بالتضحيات.
÷ هل يبدو هذا الهدف واقعيا، على ضوء ميزان القوى على الأرض والذي يميل لمصلحة النظام؟
} طبعا، الهدف يبدو واقعيا ، باستثناء روسيا وإيران و«حزب الله». من يقف مع النظام؟ لا احد، الشعب ليس معه ويخطئ النظام إذا اعتقد انه بعد القصير، قد انتصر على المعارضة. لا زلنا نعيش حالة توازن. هناك لي ذراع بسيط للمعارضة، لكن ذلك يتغير إذا ما أعطي بعض السلاح للمعارضة.
÷ هل من الممكن أن تتفق المعارضة على وفد مشترك؟
} إن ذلك يتوقف على استعداد أطراف المعارضة المختلفة للاتفاق على خطة موحدة، وإذا ما توفر اتفاق على القواسم الدنيا والعليا. إذا ما غادرنا أجواء التشكيك ورأينا أن هناك حاجة أن يكون في الوفد عضو من «هيئة التنسيق» فلا مانع في ذلك. عضو من أربعة أو خمسة، خبير بالقانون أو السياسة الدولية، ما المانع من حضوره. ليس نهج الهيئة أن تستسلم للنظام.
÷ لماذا اعتراض «الائتلاف» على هيثم مناع؟
} لا اعرف .
÷ هل من مصلحة المعارضة، في ظل ميزان القوى الحالي، أن تذهب إلى مفاوضات في جنيف؟
} ترتكب المعارضة خطأ كبيرا إذا ما قررت ألا تذهب إلى جنيف. الجميع يريد حلا تفاوضيا، ويجب عليها أن تبني إستراتيجية تفاوضية. لا توجد قوة سياسية في العالم رمت من يدها كليا الحل التفاوضي.
÷ اسمك مطروح للمشاركة في وفد المعارضة إلى جنيف إلى جانب أسماء أخرى، فهل ستذهب؟
} لست على علم بذلك، وأنا لن اذهب إلى جنيف لمجرد أن هناك من يطرح اسمي. سأذهب إذا كانت شروط التفاوض مجدية فحسب. التفاوض المجدي لن يعني التوصل إلى حل، كائنا من كان المتفاوضون، ولا اعتقد أن التفاوض سيصل إلى حل من المرة الأولى، وفي فترة قصيرة، إلا إذا كان المطلوب أن نحضر ويأتي من يقول لنا «تقرر ما يلي... والله معكم».
÷ هل ستكون عملية مديدة؟
} هل تريد رأيي؟، لن يطلع شيء من جنيف.
÷ لماذا؟
} لمئة سبب وسبب. أولها عمق وحدة الصراع في سوريا، وعدم استعداد الطرفين، لا سيما النظام، للاعتراف بوجود الآخر. المعارضة تستبعد من تلوثت أيديهم بالدماء، أما النظام فلا يريد التحدث إلى احد. (الرئيس السوري بشار) الأسد ليس في جو مفاوضات أو حل، وهو تسلق الشجرة عاليا جدا وأعلن انتصارات للمرة الخامسة أو السادسة. برأيي انه لن يخرج شيء من جنيف. ينبغي أن ننتظر تغييرا كبيرا على الأرض، فإما أن يجبره وإما أن يجبرنا على الذهاب إلى جنيف لنستسلم ونقبل بما هو مطروح دوليا، وإما أن يكون هناك تفاهم دولي يفرض علينا، هذا ما اعتقده. أما أن نترك لأنفسنا نحن السوريين في جنيف، مع (المبعوث الأممي) الأخضر الإبراهيمي، ويغادروا هم القاعة، لكي نتفاهم من تلقاء أنفسنا ونتوصل إلى حل في فترة قصيرة، فقصة خاسرة.
÷ هل تعتقد فعلا أن الأسد سيسلم السلطة للمعارضة في أي عملية انتقالية؟
} لا أظن.
÷ إذن لماذا تذهبون إلى جنيف؟
} نذهب لنستكشف الإمكانيات المتوفرة، ولنقول للعالم اننا على استعداد لتطبيق قرار دولي وإبداء قدر من المرونة في شق النظام الذي نسعى إلى بنائه، ولمن يتسع من الناس ولمن يريد الانضمام إليه، وإظهار أن سوريا تتسع للجميع وليس للمعارضة والمسلحين فحسب، وإننا نعود إلى بناء بلد هادئ ومستقر، ولن يكون مصدر إزعاج أو فوضى في المنطقة.
÷ هناك من يسلم بان جنيف مجرد محطة، وهناك من يدعو للذهاب إليها مراهنا مسبقا بأنها ستفشل، وستسهل العودة إلى المطالبة بالسلاح بعد سقوط الحل التفاوضي، وأنت منهم؟
} أنا لست من دعاة ذلك، هذا تقديري، آسف لذلك. أنا لست من دعاة الحل العسكري، أنا أفضل الحل السلمي. الناس دفعت ثمنا غاليا للحل العسكري والقتل والذبح. أتمنى أن ينجح الحل التفاوضي المنصف، ولو أخذنا تدريجيا نحو نظام جديد، وهو لن يفعل إلا كذلك، لان سقوط الأسد شيء وسقوط النظام شيء آخر. وهناك الكثير من الخلط في عقل المعارضة حول هذا الموضوع، التي تعتقد انه ينبغي أن يرحلا معا، وبرأيي انه لا ينبغي أن يرحلا معا، إذا أردنا أن تبقى البلد واقفة على قدميها.
÷ هل الغرب الذي لم يسلح المعارضة كما تمنت قبل جنيف، سيفعل ذلك بعد «فشل» جنيف؟
} الغرب رجلاه بالدق في سوريا الآن، لم يعد يفتش عن دعم المعارضة، إنما عن نفسه. هل استسلمت أميركا للروس؟ لو فعلت ، لما كان هناك من حاجة للذهاب إلى جنيف ولكان بوسع الأسد أن يكمل الحل العسكري. إذا لم تستسلم أميركا لروسيا وإيران، فمن رابع المستحيلات أن تسمح بهزيمة المعارضة، وأقول ذلك وأنا مقتنع بذلك اقتناعا مطلقا. الأميركيون لن يذهبوا إلى جنيف ليسلموا سوريا إلى روسيا وإيران، وإنما لإيجاد حل تفاوضي على نقل السلطة. إذا لم يقبل الروس، تريد رأيي، سيتكسر رأسهم في سوريا.
÷ بعد القصير، هل لا يزال الحل العسكري قائما بالنسبة للمعارضة؟
} اعتقد أن الحل العسكري لا يزال قائما بالنسبة للطرفين، بل انه الحل الأقرب إلى نفسيهما، وهو اقرب إلى نفس النظام الذي يؤمن انه يتعرض إلى مؤامرة وعصابات إرهابية وما إلى ذلك، وهو يقوم بتلبية مطالب المعارضة إذا قام بتغيير موقفه، لكنه لن يفعل.
÷ هل يعني أن المعارضة قادرة على هزيمة النظام عسكريا؟
} إن ذلك يتوقف على تطور المعارضة، هل ستتحد أم ستبقى متفرقة. كما يتوقف ذلك على المقاتلين، هل سيبقون مقاتلي حارات ومدن وقرى صغيرة، من دون قيادة تجمعهم، أو وحدة سلاح، وهل سيتطور الجيش الحر ليتحول إلى جيش وطني منفتح على الآخر، ومستعد للتعاون مع الآخر.
÷ أنت تتحدث عن فرضيات؟
} من دون هذه الفرضيات، تستطيع المعارضة المسلحة، حتى ولو لم تتحد أن تصمد وقتا طويلا، ولو لم تنتصر. إن ما قامت عليه المعارضة في البداية، ولا تزال، هي إستراتيجية فطرية، بسبب افتقارها لخبراء في الإستراتيجية الحقيقية. إن إستراتيجيتها هي منع النظام من هزيمتها، إذا لم تتمكن من إلحاق الهزيمة به. وقد تراودها أوهام بأنها قادرة على الانتصار عليه، وهي أوهام سادت قبل 7 أو 8 أشهر عندما كانت في مرحلة تنتزع فيها من الجيش مواقع ومطارات ومعسكرات كثيرة، لكننا عدنا اليوم إلى إستراتيجية أننا لن نتمكن من هزيمة النظام، لكن لا تسمحوا له بان يهزمنا.
÷ ألا ترى أن النزاع في سوريا ينزلق طائفيا من تركيبة الجيش الحر، ومسميات كتائبه الدينية والجهادية، والكتائب الجهادية والسلفية، وخطابها الطائفي؟
} أين المنزلق الطائفي؟ في حمص 600 ألف سني، و120 ألف مسيحي، و140 ألف علوي، هجر كل السنة والمسيحيون ولم يهجر علوي واحد من حمص، ولو شاء الجيش الحر لكان بمقدوره أن يهجرهم. هذا هو الواقع. في اللاذقية لا تزال هناك قرى متداخلة، وفي جوبر لا تزال هناك اسر علوية. الصورة من الخارج غير صحيحة عن طوائف تتذابح. هناك أناس معبأون طائفيا في تشكيلات معينة مع السلطة، وربما في بعض المعارضة، هؤلاء يعملون طائفيا. لا توجد في سوريا حرب أهلية.
÷ والكتائب الجهادية المقاتلة وخطابها الطائفي؟
} الجيش الحر شيء، والكتائب المقاتلة شيء آخر. الجيش الحر خطابه ليس طائفيا. أنت تعلم أن عصبية الجماعة وبعض العصابات تملك خطابا تهييجيا. سوريا لم تشهد حربا طائفية، وقد تشهدها عندما يرحل النظام، إذا ما سيطر المجانين على السلطة وتحولت إلى دولة فاشلة. عندئذ سيقول احدهم للآخر لا نستطيع أن نعيش معا، لا تؤاخذونا، وليدبر كل واحد نفسه، ولكن هذا لم يحدث حتى الآن.
÷ ما رأيك في دخول «حزب الله» إلى سوريا والقتال فيها؟
} ارتكب «حزب الله» غلطة لن يتمكن من إصلاحها في حياته. كان الحزب متفردا ببعده عن الصراعات الداخلية، وقدرته على تعبئة طاقات كبيرة في الصراع ضد إسرائيل. الحزب استدار 180 درجة، وتورط في الصراعات الداخلية، وارتكب خطأ لن يغفره لنفسه. في الماضي أرسل لي السيد حسن نصرالله النائب علي فياض: «اقترح ونحن معك» وكانت النتيجة «نحن ما طالع بيدنا شي، وليس لدينا قدرة».
«حزب الله» دخل إلى صراع سني ـ شيعي، لن يتمكن من الخروج منه، وغدا عندما تعود إسرائيل إلى جنوب لبنان، ويلجأ شيعي إلى سوريا سيذبح على الحدود، ولن يسمح له بالدخول. هذا الشعب استقبل 700 ألف لاجئ لبناني في العام 2006، وهذا «حزب الله» يأتي إلى سوريا اليوم باسم حماية الشيعة، بالطريقة الإسرائيلية، على حدودي أولا، ثم ندخل في منطقة آمنة، تمتد لتصبح على حدود العراق. أنا أقول ذلك والألم يعتصر قلبي. لا اعرف لماذا فعلوا ذلك. كان يمكن أن يدخلوا بوساطة.
÷ دخلت «الائتلاف»، كما تقول، لتأسيس كتلة وازنة في مواجهة «الإخوان» والقطريين ومنح الديموقراطيين والعلمانيين صوتا أقوى، وتعزيز استقلالية المعارضة، لكنك خرجت بكتلة متواضعة ما دون الهدف، 14 عضوا؟
} نحن أقوى من ذلك. نحن كتلة تضم 28 عضوا على الأقل في الوقت الحاضر، وننتظر أن تقف إلى جانبنا كتلة الجيش الحر (15 عضوا)، عندما تتم تسميتها ( في 15 حزيران)، وهناك الكثيرون ممن ينسقون، أو يصوتون معنا.
÷ لكن الهدف الأصلي، بالحصول على كتلة وازنة مستقلة لم يتحقق؟
} نحن لا نريد تحجيم احد، ولا نريد أن نعزل احدا. نريد إطارا عاما يصلح للتعاون بين الجميع. وكتلتنا ستطرح رؤية سياسية ستجذب قطاعا واسعا من المعارضة. «الائتلاف» في أزمة حقيقية، ولو لم يكن في أزمة لما كان ليقبل بنا.
÷ انتقدت وتنتقد قطر كثيرا، لماذا؟
} قطر تتدخل كثيرا في شؤوننا، وتسير الناس كما تريد، ولا تهتم بسوريا، وهم يديرون أزمة أكثر مما يساعدون على إيجاد حل لها، وعليهم أن يروا بلادنا كما نتمنى وليس العكس. ما هي قطر؟ لا اعرف ما تريده من سوريا، لكن من المؤكد أنها لا تريد لها خيرا. من يحبك يقول لك حبيبي تعال أعطيك ما تشاء، ولا يقول لك اعمل ما أريد لأعطيك.
÷ هل كان من الممكن أن تتقدم المعارضة من دون المساعدات القطرية و٣،٥ مليار دولار؟
} برأيي أن المعارضة لو حافظت على النهج السلمي لحققت أعظم تقدم، رغم القتل والذبح، كانت المحافظة على النهج السلمي خيارا صائبا. وجزء من النهج السلمي أن تكون مقاوما وليس متعسكرا. عسكرونا ولم تعد هناك مقاومة.
÷ ألا تشعر بأنكم دخلتم في صراع المحورين القطري والسعودي، وهل السعودية دولة مؤيدة للعلماني ميشال كيلو لتدعمه؟
} لدي إحساس أن هناك رغبة لدى الخليجيين لاستخدامنا في صراعاتهم. هناك رغبة للدول المجاورة، بما فيها الدول الخليجية، لكي تستخدم المعارضة السورية لأغراض سياسية.
÷ هل يخدم ذلك الثورة السورية؟
} إن ذلك يتوقف أين تضع هذا الدعم، وهل تستخدمه بالطريقة القطرية، وتمشي كما تريد قطر، أو انك تأخذه بما يخدم مصلحتك أنت.
÷ هل ترى انه من الطبيعي أن يسقط الموقع السوري الشامي التاريخي في يد المحاور الخليجية، وتصبح المعارضة تابعا لإرادة قطر والسعودية؟
} في عالم العرب، لم تحتل سوريا في تاريخها كله، الموقع الذي تحتله اليوم من حيث الأهمية، حتى وهي في قلب مأساتها. قل عن لساني إن المعارضة ترتكب جريمة، لو أصبحت تابعة للخليج، بأي شكل من الأشكال، فإما أن نكون سوريين وإما بدنا مصاري، وخلص منطلع من السياسة. من غير الممكن أن يلعب احد بالبلد، وإلا سيدمر الخليج حجرا بعد حجر.
ميشال كيلو لـ«السفير»: لا أتوقع تسوية في جنيف قطر تدير الأزمة السورية .. ولا وجود لـ«حرب أهلية»
ميشال كيلو لـ«السفير»: لا أتوقع تسوية في جنيف قطر تدير...محمد بلوط
NewLebanon
مصدر:
السفير
|
عدد القراء:
895
عناوين أخرى للكاتب
مقالات ذات صلة
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro