قام السيد محسن الامين في النصف الاول من القرن العشرين بنشاطٍ إصلاحيٍّ إسلاميٍّ ملحوظٍ في بلاد الشام، فاختار دمشق مقراً له بدل النجف او قم. فأنشأ في دمشق مدرسةً للصبيان وأخرى للبنات، وقرّب بين المذاهب، كمنهجٍ دأب عليه طوال حياته.وسأنقل هنا حرفيّاً ما كتبه في مقدمة كتابه: "نقض الوشيعة"، لحاجة الأمة هذه الايام لإخماد الفتن، والقضاء على التعصب والاحقاد والضغائن. فيقول في خطبة الكتاب: إنّه وفي كل يومٍ يدأب من "يحيون التعصب, وحب التفريق بين المسلمين, ونبش الدفائن, وتهييج الضغائن بمؤلفاتٍ يذهبون فيها الى سيّئ القول، دون ان يسلكوا طريق العلم، ويتأدبوا بآداب المناظرة.. وكثيرٌ منهم يتجاوزون ذلك إلى الشتم والذّم والسُباب، والنّبز بالالقاب، المنهي عنه في السٌنة والكتاب... يفرّقون بذلك كلمة المسلمين، ويوغرون الصدور، ويهيجون كوامن الضغائن والاحقاد، في زمنٍ وصلت فيه حالة المسلمين إلى ما وصلت إليه، وهم الى الوئام والائتلاف وجمع الكلمة والوفاق، أحوج منهم الى النزاع والاختلاف والشقاق. ونحن وهم أهلُ دينٍ واحد، ونبيٍّ واحد، وكتابٍ واحد، وقبلةٍ واحدة، نشهد جميعاً لله تعالى بالوحدانية، ولنبيّه محمد ص بالرسالة. ونؤمن بكلّ بكل ما جاء به من عند ربه، نحلُّ حلاله، ونحرّم حرامه نقيم الصلوات الخمس، ونؤتي الزكاة، ونصوم شهر رمضان، ونحج البيت الحرام، ونعظٌم شعائر الاسلام، ونعترف بالبعث والنشور, والحساب والعقاب, والجنة والنار, وبكل ما ثبُت في دين الاسلام، وليس بيننا وبينهم نزاعٌ ولا خلاف، إلاّ في أمورٍ يسيرة، لا يوجب الخطأ فيها، إن كان، خروجاً عن الاسلام, أهمها: مسألة الخلافة، التي لم يبق لها اليوم أثرٌ يُذكر. لكنّ قوماً لا يروق لهم اتحاد المسلمين واتّفاقهم، فيعمدون إلى ما يهدم ذلك" وسأكتفي بذلك.