لعلّ من بوادر بركات التفاهم السعودي الإيراني في منطقة الخليج العربي خاصةً والعالم الإسلامي عامةً، هو خفض الإحتقان المذهبي بين السُّنة والشيعة الذي ساد لسنواتٍ عديدةٍ خلت، فقد مكّن هذا التقارب بين البلدين من إزالة الكثير من الضغائن والمفاسد والإضطرابات، لِما لهما من نفوذٍ استراتيجيٍّ كبير في العالم العربي والإسلامي على السواء، ولِما يختزنان من تراثٍ ديني وعقيدي وفكري بأبعاده المذهبية المتنوعة، ولم يقتصر الأمر على هذا بالطبع، بل تعدّاهُ بفضل الله ورحمته، إلى خفض التوتر بين البلدين في المواقع الساخنة بينهما، وبخاصة في لبنان واليمن، فهذا التفاهم ساهم ويساهم في خفض الإشتباك العسكري على أرض اليمن الدائر منذ حوالي عشر سنوات، بما يُبشّر بحلٍّ سلميٍّ للأزمة اليمنية، أمّا في لبنان فبشائر التفاهم انعكست إيجابياً على علاقة حزب الله مع المملكة العربية السعودية، ولعلّ أولى فضائله، هذا السلوك المُستجد عند حزب الله في الاشتباكات العسكرية الدائرة مع العدو الإسرائيلي على حدود لبنان الجنوبية، فبالرغم من انخراط الحزب في حرب غزة بصورة مواربة، وغير مباشرة، فقد واضب الحزب على ضبط وتيرة تصاعد العمليات العسكرية على الحدود، بما يضمن ويساهم في تجنيب لبنان ويلات حربٍ مفتوحة مع العدو الإسرائيلي، آخذاً بعين الاعتبار الوضع اللبناني المأزوم أصلا، وهذا لربّما يدفع بحزب الله للإنخراط بصورة عقلانية وواقعيّة، في مراجعة حساباته الداخلية، بما يسمح ربما بالدفع قُدُماً نحو إعطاء المصالح الحيوية للشعب اللبناني بمختلف فئاته وتنوعاته، المزيد من الإهتمام لحلّ المشاكل والتعقيدات الداخلية المتراكمة، ولعلّ أبرزها خلُو سدّة الرئاسة الأولى، وما يلحقها من شللٍ في سائر المؤسسات الدستورية والعامة وهذا يتطلب مزيداً من المعالجات الدقيقة الملقاة على أصحاب القرار القابضين على شؤون البلاد والعباد، وحزب الله في الصميم من هذا المعترك، ولله الأمر من قبلُ ومن بعد.