طالما تفاخر حزب الله بلسان أمينه العام، المرّة تلو الأخرى، وفي خطاباتٍ تلفزيونية لافتة، امتلاك الحزب عشرات الآلاف من الصواريخ المُدمّرة، منها ما هو تقليدي، ومنها ما هو متطوّر وذكي، وهذه كما يدّعي قادة الحزب مُكردسة ومكرّسة لدكّ إسرائيل عندما يحين وقت النّزال مع العدو الإسرائيلي الغاصب لأرض فلسطين، وبعد جولة عسكرية محدودة مع عناصر مُسلّحة تابعة لحزب القوات اللبنانية في منطقة عين الرمانة قبل حوالي عامين، خرج أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله لِيعلن امتلاك الحزب لمائة ألف مقاتل، وخاطب قائد القوات اللبنانية بقوله: سجّل عندك: مائة ألف مقاتل جاهزون، وهم رهن إشارة واحدة من اصبع سماحة الأمين العام.
هذا مع العلم بأنّ حزب الله لطالما تفاخر بأنّ سلاحه موضوعٌ في خدمة تيار المقاومة والممانعة في لبنان والمنطقة العربية، وأنّ وُجهتهُ الوحيدة هي إسرائيل، صحيح أنّ الحزب قد "يضطر" في بعض الأحيان لاستعمال سلاحه في سوريا، لمناصرة نظام بشار الأسد، أو في اليمن لمناصرة عبدالملك الحوثي، أو في العراق لنصرة الميليشيات المتعددة التي تدور في فلك تيار المقاومة والممانعة، إلاّ أنّ الأساس يبقى، في ادعاءات حزب الله، أنّ سلاحه موجودٌ ومُكرّس لِمقارعة إسرائيل وتحرير القدس، وزعزعة النظام الصهيوني بأكمله، ولطالما تفاخر أمين عام حزب الله بأنّ المقاومة الفلسطينية تستطيع أن تعتمد على سلاح المقاومة الإسلامية في لبنان عند الشدائد، وأيام المعارك والنِّزال.
اليوم تحتدم المعارك الإسرائيلية-الفلسطينية في قطاع غزة، وحانت ساعة الحسم، ودقّ نفير الجهاد، وهو بابٌ من أبواب الجنة، وإسرائيل تُعربد اليوم، تقتل وتهدم وتُشرّد مئات آلاف الفلسطينين في قطاع غزة، حتى أنّ قضية فلسطين برُمتها أضحت على المحكّ، وعلى الرغم من كل ذلك، ما زال حزب الله يقف موقف المُتفرّج، أو في أحسن الأحوال، يقف موقف المُشارك في الحرب باستحياء، وذلك في مناوشات حدودية محسوبة وموزونة، بحيث ظهرت بشكل واضح، أنّ كل العنتريات والتصريحات بتدمير إسرائيل وتحرير فلسطين، والتي كان يطلقها حزب الله ويُسوّق لها في استعراضاتٍ مُضلِّلة، باتت اليوم عُرضة للإستهجان والسخرية والبُطلان، هذا في حال لو استمرّ حزب الله في "مُراوحته" الروتينية المعتادة في الإشتباكات مع العدو الإسرائيلي، وذلك بعد انتهاء حوالي اثنتي عشر يوماً من المواجهات الدامية مع القوات الإسرائيلية، والتي لم تتوقف منذ اليوم الأول عن الإعتداءات والقتل والتدمير في قطاع غزة ومحيطه.
الآن الآن أجراس العودة فلتُقرع.