لم يصدر عن اجتماع باريس الخماسي، الذي انعقد في 6 شباط لتدارس الوضع اللبناني والذي حضرته فرنسا والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر ومصر، أي بيان رسمي، وبما يؤكد بأن صيغة الاجتماع كانت تشاورية، ومن اجل تبادل الافكار عما يجب على اللبنانيين ان يفعلوه لكي يساعدوا بلدهم للخروج من ازمته المتفاقمة، والتي باتت تهدد بانهيار كامل لدولتهم ولنظامهم السياسي .
قبل الدخول في أسماء المرشحين والسيناريوهات المطروحة والمتوقعة، كان أبرز ما يجب التوقف عنده هو ما سيتأتى عملياً من اجتماع باريس الخماسي، الذي استمر أربع ساعات وناقش تفاصيل الملف اللبناني. وكانت سبقت الاجتماع وتلته لقاءات ثنائية بين الوفود المشاركة ، بين كل من الوفدين القطري والأميركي وبين الوفد الفرنسي . مع بين الوفدين القطري والأميركي
كان جزء من هذه اللقاءات التي سبقت الاجتماع يهدف إلى البحث في سبل الموافقة على ما كانت المملكة العربية السعودية ملتزمة ومتمسكة به: عدم الدخول في لعبة الأسماء، وأن يكون جوهر الاجتماع الثوابت التي لا تحيد عنها .
الدستور والطائف – إنجاز الاصلاحات الاقتصادية والمالية والسياسية .- القرارات الدولية
انتخاب رئيس جمهورية يكون وسطياً ولا يشكل غلبة لفريق على آخر، وقادراً على استعادة علاقات لبنان وثقة المجتمعين العربي والدولي .
ناقشت الوفود هذه البنود، قبل وصول الموفد السعودي نزار العلولا الذي وصل صباح يوم الاجتماع علماً أن اجتماع باريس تقرر خلال زيارة وزير الخارجية الفرنسي للرياض. وكان الموقف السعودي واضحاً وحاسماً في هذا المجال ، عدم الرغبة في دخول لعبة الأسماء، وتركها للبنانيين .
التركيز على الصفات اللازمة والواجب توافرها في المرشّح لرئاسة الجمهورية وشخصية رئيس الحكومة
. بعدما يتوافق اللبنانيون على ذلك، يتحدد الموقف الخارجي وكيفية مساعدة لبنان
حاولت باريس كثيراً قبل الاجتماع الدفع إلى البحث في الأسماء، لكنه لم يحظَ بموافقة سعودية، سواء في استعراض سيناريو انتخاب سليمان فرنجية مع رئيس حكومة محسوب على الرياض، أو في تبني ترشيح قائد الجيش جوزف عون .
كان مصدر الخلاف بين السعودية وفرنسا قبل الاجتماع الشعور السعودي بأن باريس ما تزال تريد نجيب ميقاتي رئيساً للحكومة. وهذا ما رفضت السعودية الدخول فيه أو تبنيه .
في الاجتماع، تبنت فرنسا الرؤية السعودية المرحبة بكل من يريد المشاركة في مساعدة لبنان وفق قواعد عامة وواضحة وردت سابقاً في البيان الفرنسي - السعودي، وفي بيان نيويورك والمبادرة الكويتية. لكن يبقى الأهم أن يساعد اللبنانيون أنفسهم، وتغيير آلية إدارتهم الملفات السياسية، وخروجهم من المصالح الضيقة. وتقول مصادر متابعة إن أي حل للأزمة اللبنانية لا بد أن ينطلق من هذه الثوابت. وفي حال حصل تقدم في المسار السياسي، وكانت الأجواء إيجابية، يمكن عقد اجتماع آخر لهذه الدول على مستوى وزراء الخارجية. ويمكن توسيع هامش الدول المشاركة والسعي إلى جمع اللبنانيين للوصول إلى التسوية المنشودة .
والمشكلة هنا بأن حزب الله الذي بات يدرك فعلياً خيار العواصم الغربية والخليجية الرئاسية ، قد يتحضر لمفاوضات ستأخذ وقتاً لا يستهان به ، اضف الى ذلك ان واشنطن ، الغارقة بترتيبات المنطقة وجولة لي الاذرع مع طهران ، لم تعطي بعد أي اشارة حاسمة تنبئ بقرب البدء بالتفاوض مع حزب الله ولو بالواسطة ، لقناعتها ربما بأن التوقيت الاقليمي لم يحن بعد .
فعض الاصابع الحاصل مع ايران لا يفسح المجال الآن لاستعادة اجواء مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل ولكن بنسخة رئاسية هذه المرة .
ختاماً يبقى الأمل في ان يدرك اصدقاء لبنان وخصوصاً كل من الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية مدى اهمية رعايتهم لتسهيل انتخاب رئيس قادر على قيادة ورعاية موازين القوى الراهنة وتوظيفها في تحقيق الاستقرار السياسي والامني وفي ادارة ورشة النهوض الاقتصادي والاصلاح البنيوي لهيكل الدولة. وسيتطلب هذا الدور، دون شك، نجاح فرنسا في استعادة الحوار مع ايران ومع حزب الله، وفي دور دبلوماسي فعلي وجاد تلعبه قطر باتجاه ايران لاقناعها بسلوك طريق حل متوازن لمنع سقوط لبنان .