منذ عام 1975 وحتى اليوم ولبنان يشهد الزلزال بعد الزلزال بحيث حولته الزلزلة الدائمة إلى ما هو عليه من ركام وحطام بشري ومن أزمات طحنته وجعلته في ركب الدول الفقيرة والمتخلفة والغير معترف بها دولياً بعد أن أفقدوا لبنان عضويته في الأمم المتحدة لعدم تمكنه من دفع مستحقات العضوية الدائمة .
لم يتحمس اللبنانيون على اختلاف تسمياتهم الطوائفية والسياسية إلى إزالة أسباب الزلزلة ولا لمسح آثارها بل تحمسوا لإستمرار الفاجعة الناتجة عن زلزلتهم الدائمة والقائمة لأسباب سياسية ونزعات شخصية وحسابات خارجية .
هذا الحماس اللبناني الدائم والمستمر لتدمير بلدهم بأيديهم وكل بحسب الآلة التي يحملها و وفق موقعه وفاعليته على الخارطة السياسية يفضح زيف تفاعلاتهم الغريبة والعجيبة مع الزلزال الطبيعي الذي دمر مدناً وقرى في تركيا وسورية لناحية الإنقسام الإنساني السياسي بنسب متفاوتة ما بين الميل إلى المصاب السوري أو المصاب التركي بحسب الولاءات السياسية المقطوعة لهذا الحكم أو لهذا النطام .
طبعاً ثمّة مهبولين ومخبولين اعتقدوا أن الزلزال غضب من الله على ما في البلدين من فسق وفجور وابتعاد عن الصراط المستقيم وأقاموا صلاة الآيات لشعورهم بالهزّة الأرضية شاكرين الله على عدم شملهم بالكف الإلهي المؤدب للخارجين عن طوع أحكامه .
ما أصاب تركيا وسورية بفعل الطبيعة قد أصاب دولاً أخرى قديماً وسيصيب مناطق أخرى بإستمرار ولا إمكانية لصد عدوان الطبيعة أو الحد من نتائجها الكارثية ومن بشاعتها ومن إجرامها الذي يقضي على أمم ودول وشعوب ويغير ملامح العمران بطريقة تدميرية هائلة وهذا ما يجعل من الجميع عرضة لمثل هذه الأعمال الخارجة عن الإرادة البشرية وهذا ما يجعل التعاطي معها بروح إنسانية عالية تفرض على العالم مجتمعاً التعاون لتقليص مساحة نفوذ هذه الكوارث .
هذا الزلزال الطبيعي بكل ما يحمل ويؤدي إلى بؤس إنساني كارثي لا سيطرة عليه ولا هو من صنع إنساني وهو لا يميّز بين البشر والحجر فكل ما هو على الأرض هدفاً له فهو خطر خارج الإرادة ويضرب بطريقة هستيرية وبدون حسابات أو تمييز بين طفل ورضيع وعاجز فكل موجود هو مجرد هدف طبيعي لطبيعة قوته وحركته .
لذا لا نستطيع عمل شيء سوى التعامل العملي لتخفيف النتائج وهذا ما يحصل عادة أمام أي كارثة من الكوارث الطبيعية التي تصيب دولاً ومناطق قي العالم .
إن أسوأ الزلزالة هو الزلزال اللبناني كونه صنيعة اللبنانيين وليس صنيعة الطبيعة حتى أن ما تعرض له لبنان من زلزلة طبيعية لم تقوضه بل تمكّن من تجاوزه وبنى عليه حياة كانت هي الأفضل من بين الدول المتعافية ومازال زلزال اللبنانيين يدمر ما تبقى من بشر وحجر ولا من يمد يد العون على المستويين الطائقي والحزبي بل ثمّة ديمومة منشطة لزلزلة لبنان والقضاء عليه تحت عناوين تافهة وخلافات هي أتفه منها لجيل جديد من الحزبية الطائفية البغيضة والمُبغضة للبنان الدولة والمُحبة للبنان الدويلة والمزرعة .