تحتل الشيعية السياسية المساحة السياسية اللبنانية وهي تتحكّم بمؤسسات الدولة وهي التي تحدّد السقوف السياسية الداخلية والخارجية وتمسك بالقرارات والخيارات وهذا ما دفع الخارج إلى التعاطي مع لبنان من بوابة الثنائي الشيعي . لا تكفي وحدها قوّة الثنائي الشيعي وفائض ما يمتلكه حزب الله من قوّة جعلته أقوى من الدولة ومن الطوائف للسيطرة التامة وغير الكاملة على البلاد والعباد فثمّة عناصر أخرى أرفدت الثنائي بما يتيح له التحكّم بمفاصل السياسة ومنها خنوع وخضوع الطوائف لمنطق القوة واكتفائها سكوتاً أو تنديداً موسمياً بحسب الحاجة الشعبية والإنتخابية بسيطرة الثنائي وخاصة حزب الله . إن التركيبة الطائفية تمكّن أحزابها وتعطيها قوّة مقبولة للصمود والتصدي أمام أيّ هيمنة عليها سواء من نسيجها أو غريبة عنها لذا لا يمكن لطائفة مهما ملكت من قوّة أن تسيطر على طائفة أخرى إذ من المستحيل أن تُخضع الطائفة الشيعية الطائفة السنية وتلوي عنق الطائفة المارونية وباقي الطوائف دون أن تكون هناك قابلية ما لهذه السيطرة . إن الطبيعة الديمغرافية تعطي الأسباب الكافية لإستحالة سيطرة طائفة على طائفة ولكن وهن أيّ طائفة هو وهن داخلي وليس خارجي إن سقوط السنيّة السياسية تمّ بإرادة التيّار الحريري كما أن توهّن المارونية السياسية قد تمّ بإرادة الموارنة اللاهثين وراء رئاسة الجمهورية والوصول إليها يتمّ من خلال الثنائي الشيعي لذا يقدمون الطاعة بغية الوصول وتجربة العونية السياسية واضحة المثال . إن نشاط وحيوية الثنائي الشيعي في ظل شلل الطوائف الأخرى وانتظارها لمواقفهما جعلها أرخص من ضمّة الفجل وما عادت ذات قيمة سواء بأعين الخارج أو الداخل وتشكل الخلافات الداخلية داخل كل طائفة السبب الرئيس لتوسع رقعة السيطرة الشيعية للثنائي وهذا ما زاد من تقدم طائفة وتأخر طوائف . إن تمكّن أحزاب الموارنة من الإجتماع السياسي سيلغي حكماً من جعل ورقة رئيس الجمهورية في يد الثنائي الشيعي كما أن تمكّن السُنّة من الإلتفاف مجدداً سيحرر رئاسة الحكومة من قبضة الثنائي ولكن صعوبة هذا التمكّن جعل من الجميع لقمة سائغة وسهلة وما البكاء على أطلال الدولة إلاّ من الباب البكاء على مًلك هم باعوها بأثمان خلافاتهم الشخصية وبحثاً وراء مكاسب شوارعية فلا همّ أمام القوّات والكتائب والعونية وباقي الأحزاب المارونية سوى إنتزاع السيطرة المسيحية لكسب الزعامة والحصة السياسية والوصول إلى كرسي الرئاسة وهذا ما جعلهم أشتاتاً ومزقاً لا كتلة صلبة وصلدة وهذا ما جعل أكثر المتزلفين للثنائي الشيعي هم من الموارنة بعد ان وجد كل ماروني مرّ على السياسة بأنّه مشروع رئيس لجمهورية جهنم .