مع الإستعصاء المُتمادي لانتخاب رئيس جمهورية جديد، بعد عشر جلسات انتخابية نيابية فاشلة، ومع توقف التحقيق بالإنفجار "النووي" الذي ضرب مدينة بيروت في الرابع من شهر آب عام ٢٠٢١، ومع إصرار معظم الشعب اللبناني الصابر على تكنيس هذه الطبقة السياسية الفاسدة وإزاحتها عن مقاعد الحكم، ومع الآثار الأليمة التي خلّفتها الإنهيارات المالية والاقتصادية والإنمائية في طول البلاد وعرضها، ومع وقوف المواطنين حائرين يائسين مُمتعضين على أطلال الجمهورية اللبنانية، التي بناها اللبنانيون على مدى مائة عامٍ ونيّف بالتعب والجُهد والكدّ والحرمان، وتقديم الشهداء في كلّ موقعةٍ ومُفترقٍ ومشهد، ونجحوا في حفظ النظام والكيان، من فوق هذه التراكمات والخيبات، خرج على اللبنانيين بالأمس الشيخ نبيل قاووق (عضو المجلس المركزي لحزب الله) لِيغسل يدي حزبه من ويلات الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإنمائية، والتي تتفاقم بوتيرةٍ مُتسارعة حسب تعبيره، وأنّ البلد يتجه من سيّئٍ إلى أسوأ، وهو لا يتحمل( أي البلد) مُناكفات وكيديات، لأنّها تُسهم في تسريع الإنهيار، والمواطن هو الذي يدفع الثمن، وهو الضحية لأية معارك كيدية سياسية، هكذا، وبكلّ صلافة وعنجهية، يُنزّه قاووق حزبه عن المناكفات والكيديات، ويدعو للحوار "الوطني"، من أجل انتخاب رئيس جمهورية جديد، وكأنّ حزب الله ليس طرفاً في المناكفات والكيديات مع حليفه "المُفضّل" جبران باسيل، وتعاضدهما في تطيير نصاب جلسات انتخاب رئيس جمهورية جديد، وكأنّ حزب الله ليس مُنغمساً في دورٍ بارزٍ بتبنّي ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية( وهو المحسوب دائماً على تيار المقاومة والممانعة)، كما لو أنّه ليس في مواجهة مكشوفة مع حزب القوات اللبنانية( الطرف الأبرز في التيار السيادي في البلد)، أو كأنّه ليس في طليعة المساهمين في تطيير النصاب القانوني لجلسات انتخاب رئيس جمهورية جديد، على مدى عشر جلسات انتخابية متتالية.
لبنان باقٍ يا فضيلة الشيخ، والدويلة المصطنعة إلى زوال، وحبذا لو أنّك تتّعظ بالقول المأثور: إذا ابتُليتُم بالمعاصي، فاستتروا.