يستطيع كل إنسان مهما كان دينه وعرقه ومذهبه ولغته ولهجته ولكنته ولسانه ولونه أن يختلف مع إيران في سياستها في لبنان والعراق واليمن، بل وفي الخليج عامة، وأكثر من ذلك، يحق لكل أحد أن يختلف معها في وجهات نظرياتها الفقهية والتشريعية والفكرية حتى ولاية الفقيه، ومع هذا كله تبقى دولة إسلامية ويظل لها حق مقدَّس من حقوق الإنتماء إلى الأمة الإسلامية ودول العالم في الإسلام، والتزامها بخط وقضايا الأمة الإسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، واهتمامها المباشر بالتطور الفكري والعلمي وما تنتجه من نظريات علمية وعملية من خلال عقد مؤتمرات ولقاءات تتعلق بالحوارات العابرة لكل الأديان والمذاهب وبين الحضارات والثقافات في مختلف المجالات من أجل إرساء قواعد التلاقي في سبيل تحقيق العيش والتقدم نحو فضاء مفتوح في استرداد النهج الوحدوي التي عصفت به العواصف المذهبية البغيضة والطائفية المميتة.
يا أبناء جلدتنا وقوميتنا وعروبتنا واسلاميتنا، أليست إيران تتعرَّض لضغوط وابتزاز ومناكفة ومناورة في ملفها النووي، مع العلم بأن أكثر شعوب منطقتنا تقف إيران بجانبهم في الظروف القاسية وخصوصاً الاقتصادية؟. فبدلاً من أن تطالب الجامعة العربية بل والأنظمة العربية والإسلامية تلك الدول الغربية المهيمنة على مقدرات الشعوب في العالم من تقديم أجوبة واضحة وصريحة عن موقفها تجاه الترسانة النووية الكبيرة الإسرائيلية الصهونية الامريكية الهائلة، بل تكتفي بمغمغة وبغمغمة شعارات وجمل وتراكيب من ضرورة إبقاء منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل.
ومرة أخرى بل وبعبارة أخرى لم نسمع تصريحاً واضحاً من كل الجهود المبذولة من أنظمتنا العربية والإسلامية ـ إلاَّ اللمم ـ في مؤتمراتها واجتماعاتها في طرح برنامج وملف الترسانة الإسرائيلية بقوة ووضوح أمام الرأي العام الدولي والعالمي؟!. إن دلَّ هذا على شيء، لربما يدلُّ على عجز في اختيار الأولويات وتقديمها على سواها من أجل التركيز والاهتمام على الهوية العربية والقومية الوطنية، ولربما ومن يدري ما تفعله السياسة والساسة هو الخوف من سيطرة المافيا العالمية الصهيونية في المنطقة، ولربما أيضاً الخوف من بعضهم البعض، نستغل هذا بكلمة إلى الداخل اللبناني إن بقينا والخوف نفقد العقل والتعقل والعيش وتموت الإرادة ويضمحل البلد.