إنه القانون في لبنان، هو شبيه (المغيطة) بل هو بلد المغيط، والنكات والفوضى والرقص على الجراح والموت المجاني، قانون لا يحمي شعباً بأكمله من سلطة أطاحت بالبلد والبشر والحجر والحبل على الجرار، إنه واقع الحال، فكلٌ يفصِّل قانوناً على مقاسه وقياسه، فصرنا مجموعة قوانين في شعبٍ واحدٍ وليس شعباً واحداً في قانونٍ واحدٍ موحَّد، بل هو القانون الذي يزم عند أرباب الطوائف، ويغط ويمط على رقاب الخارجين من سرب أرباب ومعاطف الآلهة في بلدٍ يحكمه قانون (كل من إيدو إلو ـ ومن بعد حماري ما ينبت حشيش ـ وين بتشوف أعمى دبُّو أنتي مش أكرم من ربو...) قانونٌ تحكمه سلطة متخصصة بتجارة الأزمات، وبقانونٍ يتعهد بالقتل المجاني، قانونٌ تحكمه سلطة خلطت الحابل بالنابل حتى موَّهت علينا كل القيم وشرذمت المفاهيم وشرَّعت لكل مواطن حب الاستمتاع بمخالفة القوانين والأنظمة من تجارة (الفجل) إلى تجارة (العجل) حتى صرنا نبتاع ونبيع ونباع في أسواق النخاسة.. من يحمي من..؟ في ظل شعب ومجتمع تحكمه قوانين الغاب، ويقولون إنه القانون الذي لا يحمي المغفلين.! نعم، لا يحمي المغفلين في ظل مجتمع يسود فيه النفاق وينتشر فيه الفساد ويستشري فيه الخداع، إنه قانون المغيط اللبناني، الذي إستنسخته السلطة السارقة والناهبة والتي تحفر فينا بأزاميل الوجع في قلوبنا من قانون الفيلسوف (الفارابي) الذي اخترع آلة موسيقية جديدة وغريبة، وسمع بها (الخليفة) فأرسل في طلبه ليسمعه صوت هذه الآلة بعد أن أعجبه الشكل والمنظر، وما إن ابتدأ الفارابي بالعزف حتى بدأ الخليفة يتمايل من الطرب، واستدعى الراقصات فحضرن وبدأ الهز واللمز والغمز، وبينما هم كذلك، انتقل الفارابي في العزف إلى مقام آخر، فأجهش الخليفة بالبكاء، وتوقفت الراقصات عن الرقص فصرخ الخليفة في الفارابي، ما هذه الآلة العجيبة؟ فأجابه: إنه القانون يا مولاي، يفرحك ويحزنك في نفس الحال والمجال والمكان والزمان. إنه من المفترض أن نوصل "الراكبون" على سدة الكراسي ليشترعوا قانوناً يحتكر مقام الانشراح والضحك، وقانوناً "للمركوبين" يحتكر مقام الترهيب والترغيب والحرقة واللوعة والفقر والحاجة والذل والدعس والأسف والتأسف على بلدكم ووطنكم... عشتم وعاش القانون.