اولاً: حكاية الطاسة ضائعة...
يُحكى أنّ زوجة الملك جاءت بمولودٍ للملك بعد طول انتظار، فخرجت القابلة لِتُقابل وزير الملك، الذي سألها عن وضع المولود، فقالت: عندي طاسة ماء، أضع المولود الجديد فيها، فإن طفا فهو إبن حرام، وإن رسبَ فهو إبن شرعي، فأمرها الوزير بإحضار الطاسة( ربما لعلمه بحقيقة الأمر)، ثمّ قلّبها بين يديه برهةً من الزمن، وألقى بها في خضم النهر الجاري على ضفة القصر، وقام بتوجيه القابلة كي تقول عن حقيقة المولود: الطاسة ضائعة.
ثانياً: لبنان ضائع...
في بلدنا( أي لبنان الكبير) الطاسة ضائعة، رئيس الجمهورية ضائع منذ أكثر من أربعة أشهر، رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ضائع، عنده أكثر من ثلاثمائة بند يتوجب عرضها على مجلس الوزراء، لم يتمكن خلال الجلسة الوزارية التي عُقدت مؤخراً بشقّ النفس سوى تمرير عددٍ قليلٍ منها ضروري ومُعجّل، من بينها تأمين أدوية مرضى السرطان وأموال المستشفيات، وتسهيل شؤون شركة ليبان بوست العالقة، رئيس مجلس النواب ضائع بين عقد جلسات نيابية لانتخاب رئيس جمهورية جديد، وبين تطيير النصاب القانوني لإنجاز العملية الإنتخابية، النواب ضائعون، فهم رغم التزامهم وحضورهم عشر جلسات انتخابية لم يتمكنوا من انتخاب رئيس جمهورية جديد، الأحزاب ضائعة، حزب الله ضائع بين مُرشّحي الرئاسة جبران باسيل وسليمان فرنجية، القوات اللبنانية ضائعة بين ضرورة انتخاب رئيس سيادي مُستقل، وضرورة تأمين النصاب القانوني لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، أكثر الناس ضياعاً في لبنان هم النواب التغييرين، كل يوم "بيتغيّروا" عن يوم، رجال الدين ضايعين ومختلفين مع بعضهم، وزير الإقتصاد ضائع بين طائفته وتوجيهات التيار العوني، وزير الدفاع ضائع بين توجيهات جبران باسيل وتسيير شؤون وزارة الدفاع، المُحلّلون السياسيون على كثرتهم وركاكتهم وسخافاتهم ضائعون، الدولار ضائع بين عدة أسعار قررها حاكم المصرف المركزي، القنوات التلفزيونية ضائعة، في البرامج الحوارية يستقبلون أنصار القوى السيادية وبجانبهم أنصار تيار المقاومة والممانعة، فتضيع الطاسة، ولا يستقر المشاهدون على موقف أو رأي، ظلّت قناة Mtv على مدى أكثر من شهرين تدعونا لعدم التجديد لمنظومة الفساد والمحاصصات ونهب المال العام التي تحكم هذا البلد، وتستضيفهم كلّ يوم تقريباً على شاشتها، بالأمس القريب أساءت قناة الجديد للنساء الجنوبيات عبر برنامج فكاهي هابط، "تتمايع" فيه الإعلامية داليا أحمد مع زميلتها الجنوبية، وتضع لافتة على شاشتها: المجد للجنوبيات، على مقولة: أشرف الناس وأمجد الناس.
ليست طاسة واحدة ضائعة، البلد كله ضائع.