لم يبقَ أحدٌ في لبنان إلّا وتباكى على شغور منصب رئاسة الجمهورية منذ حوالي الشهرين، في طليعتهم المراجع السياسية، وتلتحق بهم المراجع الدينية، وأهل الإعلام والصحافة والرأي والفكر، وقادة الأحزاب والمنظمات الأهلية والإنسانية، والمُحللون السياسيون على وفرتهم واختلاف مشاربهم، والنُواب المُفترض بهم أن ينتخبوا الرئيس العتيد، يتباكون وينتحبون، يستوي في ذلك بينهم أهل المقاومة والممانعة وحلفاؤهم، مع أهل السيادة والاستقلال وبناء الدولة اللبنانية الشرعية، وينضم إلى هذه الجوقة العجيبة الغريبة بعض الغيارى من رؤساء الدول العربية والدولية والمنظمات الدولية، حتى منظمة الجامعة العربية أدلت بدلوها مؤخراً، ودعا أمينها العام إلى وجوب الإسراع في انتخاب رئيس جمهورية جديد.
الجميع يتباكون، فمن هو يا ترى المُعطّل والمُتسبّب بهذا الضرر الفادح، والذي بات يُهدد مصير النظام والكيان معاً؟ بعد أن ألقى الفقيه مالك بن دينار عِظتهُ الدينية أمام طُلابه ومُريديه، تطلّع إلى وجوههم، فإذا بهم قد استغرقوا في البكاء، وتفقّد مصحفه فلم يجده، فقال: كلّكم يبكي، فمن سرق المصحف؟
كلهم يبكي، فمن يُعطّل انتخاب رئيس جمهورية جديد؟