لا إمكانية لتعيين رئيس للبلاد طالما أن التوافق الداخلي ينتظر التوافق الخارجي بعد أن دارت جلسات إنتخاب الرئيس دورتها المعهودة ما بين جد ومزح وإستشلاق وإستهتار وغياب وورقة بيضاء وطرح أسماء للهرج والمرج النيابي .
تؤكد القوّة النافذة في الطبقة السياسية الحاكمة أن لا مجال لإنتخاب رئيس وأن الصيف المقبل قد يشهد تفاهماً على الرئيس المعلن من قبلها لأنّه لا إمكانية أيضاً لترك القصر الجمهوري من قبلها مهما كانت الكلفة وكثرة الضغوطات .


وتؤكد أيضاً أن المرحلة القادمة أكثر عبئًا وأزمة معيشية صعبة بحيث سيطير الدولار إلى ما لا يرقى إليه طير دون الإلتفات إلى ضياع الأمن الإجتماعي بإعتبار أن اللبنانيين قد آلفوا أزمتهم وتكيفوا معها وباتت أمراً طبيعياً بالنسبة لهم وهذا ما يغري السياسيين وأحزاب الطوائف ويجعل من معركتهم على حساب كرسي الرئاسة امراً مفتوحاً ولا حرج فيه وما الأصوات الصاعدة والطالعة من حنجرة هنا وأخرى هناك إلا مجرد فقاع صابون سريع التبخر .


ما عادت  الطبقة السياسية تهمل ظروف اللبنانيين طالما أنّهم أسوأ منها فقد بلغوا من الترف في ظل فقر الدولة ما يعيد للدولة عافيتها المالية وهنا نتكلم عن القاعدة الأوسع في الوسط اللبناني ممن تدولرو في مهنهم وتجاراتهم وبطريقة جنونية جعل منها غياب المراقبة للأجهزة المختصة مافيات أكثر جشعاً مما تقاسمته السلطة طيلة أربعين سنة .


تأتي العمالة السياسية المدولرة أيضاً لترفع من منسوب الغنى الفاحش للمستفيدين من أجرتهم السياسية في شتى الحقول كما أن الإنتفاع اللاحق بالمرتبطين والتابعين لمنظومة العمالة السياسية فد أسهم في توسيع دائرة الناجين من الأزمة الإقتصادية .


وحدهم أصحاب الرواتب المحدودة في القطاع العام وبعض العاملين في القطاع الخاص ممن لم تشملهم بعد رحمة العملة الأجنبية يعانون  من ناب الدولار الذي إفترس لحمهم و دون أن يسمع بهم أحد من عباد السلطة والمال .


نحن أمام إضافة جديدة لسوء ما نعانيه وتبدو كلمات القائلين والمعبرين عنها بهدوء تام دون أن يرف لهم جفن تستهويهم مجاعة ناس وتروي عطش غلهم وأحقادهم لا إيماناً منهم بذلك بقدر ما هي فطرتهم في التلذلذ بذلك لأن ما يمنحهم قوّة البقاء هو جوع المبتعدين عن الإرتزاق السياسي .


أسوأ ما يمكن أن تراه في لبنان الحالي هو خنوع وخضوع الجميع لإرادة واحدة وهذا ما لم يشهده لبنان طيلة مساره التاريخي حتى في الحرب وبعدها وما قبلها كان لبنان غير محكوم لإرادة واحدة داخلياً وخارجياً وهذا ما يعطي إنطباعاً كاملاً عن المستويات السياسية لأحزاب اليوم ممن إستسلموا دون أن يشهر عليهم أحد ما يستلزم الإستسلام إلاّ أنّها عقيدة السياسيين من كبار القوم إلى صغارهم فبئس ساسة يخافون على مصالحهم أكثر مما يهتمون بمبادئهم التي باتت شعارات إنتخابية لا أكثر .