يمكن اعتبار خطاب السيد حسن نصرالله الأخير من أكثر خطاباته خطورة وأهمية، فأمام استعصاء انتخاب رئيس للجمهورية في المجلس النيابي، وقف ليقول كلمة الفصل، لا رئيس جمهورية إلّا بمواصفاتنا، ووِفقَ شروطنا، والمُضمر ربما، وعلى مزاجنا، فكما حدّد عام ٢٠١٦ شخص الرئيس العتيد المقدام ميشال عون، وأرغم الجميع على طأطأة الرؤوس، وانتخابه بعد شغورٍ رئاسيٍّ دام حوالي ثلاثين شهراً، وكما سبق له ذات مرّة أن قال: لن تؤلّف حكومة قبل توزير أحد أعضاء اللقاء التشاوري( وللتذكير ذاك اللقاء كان يضم ستة نواب سُنّة)، فها هو اليوم يُحدّد مواصفات الرئيس العتيد، شجاع، لا يُباع ولا يُشترى(ذلك أنّ أسواق النِخاسة مُشرّعة للجميع)، والأهم من كل ذلك، أن لا يطعن المقاومة في ظهرها، ليس مطلوباً منه حمايتها، فهي قادرة على ذلك، المهم ان يكون رئيساً كما اعتاد أهل الشيعة على القول المعروف والمُتداول: رئيس جمهورية من جماعتنا، رئيس ماروني لكنّ يجب أن يكون من جماعتنا.
لا ينفكّ السيد نصرالله عن تذكير اللبنانيين في إطلالاته التلفزيونية المُتكرّرة بأنّه السيد "المُطاع"، والذي يتحكّم بمفاصل الحياة السياسية في لبنان، فلا رئيس جمهورية جديد خارج عن إرادتنا، وبالإستتباع لا حكومة ذات صلاحيات نافذة وكاملة، وداعاً دولة لبنان الكبير، سقا الله تلك الأيام، تحسّروا عليها، وهلّلوا لدولة حزب الله القائمة، فهي التي سترفع الضيم عنكم، وستخدمكم بأشفار العيون، كما وعدتكم منذ أربعة عقود من الزمن، عندما قامت بتأمين مياه الشرب لضاحية بيروت الجنوبية.
قال الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك بن مروان عندما تولّى زمام الخلافة: إذا حدّثتكُم فكذبتكم فلا طاعة لي عليكم، وإذا وعدتكم فأخلفتكم فلا طاعة لي عليكم، وإذا أغربتكم فجمّرتكم فلا طاعة لي عليكم.
جمّر الجُند: أبقاهم في ساحات القتال مدة طويلة.