وحده جبران باسيل صاحب المكاسب الكبرى لإستفادته المطلقة من إتفاق مارمخايل ما بين حزب الله والتيّار العوني وما فيه من تفاهمات لبّت طموحات صهر الجنرال وهذا ما جعل منه مشروع زعامة مسيحية رضخ لها مسيحيو النظام السوري وتعامل معها الموارنة كقوّة راهنة ومراهن عليها لإسترجاع الصلاحيات المفقودة .
جُعل باسيل نائباً بالقوّة بعد خسارته الفادحة ومن ثمّ جُعل وزيراً بالقوّة بعد أن عطل حزب الله تأليف الحكومة لشهرين وجعل الحصّة العونية في الحكومات المتعاقبة الحصّة الدسمة في الحقائب وفي العدد وهذا ما جعل الحكومات حكومات يرأسها فعلياً جبران لا سعد الحريري ولا غيره كما أن وصول الجنرال إلى قصر بعبدا بفعل التعطيل الذي مارسه حزب الله كرّس جبراناً رئيساً للقصرين ولولا الرئيس بري الذي لا يعلو إلى كعبه أحد لسيطر جبران على الرئاسات الثلاثة .
هذا العطاء السمح من قبل حزب الله لجبران باسيل جعله يستأسد على الجميع دون إستثناء من مسلمين ومسيحيين على حدّ سواء وهذا ما دفعه إلى التطاول المشهور على الرئيس بري حيث لا يجرؤ أحد على ذكره بسوء ولكن ورقة التحالف قوية بطريقة صفعت مطرقة بري وهذا ما دفعه أيضاً إلى التطاول على دول عربية وهذا ما نفخ من عضلة السعي لتغيير إتفاق الطائف بالعودة إلى صلاحيات الرئيس حيث كان لبنان يقاد من قبل رئيس ماروني وحوله معاونين له من باقي الطوائف .
مقابل ما وصل إليه جبران باسيل بسرعة صارروخ رعد مادياً ومعنوياً لم يحصل حزب الله بالمقابل على ربع ما أعطاه لباسيل وتكفي لاءاته الأخير في مجرى التحقيق بإنفجار المرفأ ورفضه لقبع قاضي التحقيق وذكره لإسرائيل وضرورة أمنها كجارة للبنان ولو فعلها غيره لكفّر وقطع لسانه ورفضه لإنتخاب الرئيس بري رغم توفير الثنائي الشيعي للتيّار العوني نواباً لجعله كتلة مقابل كتلة القوّات وحاضراً بقوّة في المجلس النيابي وإعلان جبران الواضح ضدّ وصول سليمان فرنجية إلى قصر بعبدا رغم تأييد حزب الله لفرنجية .
قول جبران لا لحزب الله تكاد أن لا تُحصى في السياسة في حين أن قول حزب الله نعم لجبران تكاد أن لا تُحصى أيضاً والحديث عن العقوبات الأميركية بحق جبران على خلفية تأييده لحزب الله نكتة لها حسابات أخرى وما جريه وراء الأميركيين لتحرير إسمه من لائحة العقوبات إلاّ تأكيد واضح وفاضح على خسّة سياسية لأن من يتباهى بالعقوبات الأميركية على خلفية تأييده لحزب الله لا يلحس أحذية السفراء الأميركيين للحصول على براءة ذمّة أميركية .
كما أن تباهيه بترسيم الحدود بشطارة أضاعت حق لبنان بخط 29 وإعطاء العدو بالتفاوض الغير مباشر ما لم يستطع أخذه في الإحتلال فكيف الحال ولو كان التفاوض مباشراً ؟
رغم سقوط باسيل في وحل السياسة التي كرسها في السلطة ورغم نهاية عهد منحه ماجعل منه ممراً إلزامياً للداخل والخارج تبدو الصلاة على راحة نفسه غير مستبعدة إذا ما إستفاق حزب الله من الكابوس المسيحي ومن شعوره بشرعية الماروني لوجوده وهذا ما أفقد حزب الله الرؤية وأضله عن السبيل وحتى يصحو عليه أن ينظر إلى ما تجحظ به عين الرئيس بري حتى تقل أخطاؤه في مرحلة لا تحتمل بعد أخطاءً إلاّ إذا كان المطلوب دخول سقر بعد جهنم .