صعب هو الإنتظار المرّ لنهاية عهد وبداية عهد جديد يراه اللبنانيون أفضل العهود رغم ما هو ميؤوس منه لكن حجم الجحيم الذي نحن فيه كاف كي نرى ما هو آت افضل مما نحن عليه إذ غلب الفقر اللبنانيين وسيطر عليهم وباتوا من أحط شعوب الأرض بعد أن بات لبنان مضرب مثل للفساد واللصوصية والعوز والتسوّل وغياب المسؤولية من فوق إلى تحت .
لذا تبدو الساعة الآتية ساعة فرج من ضيق ما بعده ضيق ومن عُسر ما بعده عسر ومن قرف ما بعده قرف وهذا كله نتاج عهد سياسي لقوى دكّت لبنان دكّاً وأوصلته إلى نهاياته المؤلمة وجعلت منه كما ذكرنا مقياساً للفساد والفقر وهذا ما وضع لبنان على لائحة الدول المنهارة وممن ترتجي الخبزوالحليب والدواء والماء والكهرباء والحياة رغم ما تنتشر فيه من حيتان مال وجاه لسياسيين مصّوا محالب الدولة وعطلوها وأوقفوا ما فيها من ضروع ومن ثمّ إنتقلوا إلى جيوب اللبنانيين فأفرغوها في أوعيتهم البنكية وباتوا كالجراد المنتشر في كل مكان لأكل ما تبقى من يابس .
بعض صعاليك السياسة عاهرون يتبجّحون بالعفّة وهم قوّادون وتمتد شبكات دعاراتهم إلى كل مرفأ ومع هذا تراهم يقرعون أجراس الكنائس ويرفعون آذان المساجد ويتلون ما تلته الكتبُ السماوية من لعن للظالمين .
إنهم حرباء السياسة القادرة على التلون بحسب الفصول والطقوس ورغبات الجسد وكيفية الشعور في لحظات الخوف فتأخذ لونها لتغشى الناظر إليها وهذه الحرباء لها القدرة على الخطابة بفصاحة تطرب السامع فتجمّل خبثها وتجعل من سمومها شفاءً لكل داء .
بعض الإنتظار أصعب من طول الإنتظار فتبدو ساعاته سوعاء وقد بلغت فيها القلوب الحناجر وناع الفقر من شدّتها وما عاد الإحتمال مورد إحتمال وبتنا من نشكو من قلّة حيلتنا وما عُدنا بقادرين على حمل أوساخ السياسة والسياسيين .
مهما كان المُضمر، فاللبنانيون طوّاقون له لأن المهم بالنسبة لهم هوالوصول إلى نهاية الخلاص من أبشع بداية عرفها لبنان في كل مراحل أزماته وظروفه الصعبة وحروبه المتنقلة وفي كل مشاهده المأساوية ولأوّل مرّة تتسّع السلطة لصبية جعلوا من لبنان دُمية لهم وهم يلعبون بها كخرقة بالية لترضي شعورهم الطفولي ولتُلبي غريزة اللعب في ملعب الشعب الذي يصفق بحرارة عالية للرضّع من أثداء الدولة .