أسفرت الإنتخابات النيابية الأخيرة عن فوز بعض النواب من خارج الإصطفافات الطائفية والمذهبية المعروفة، أو خرقاً لصفوف هياكل ثابتة في المنظومة السياسية الفاسدة، ويبلغ عدد هؤلاء النواب الذين أُسبغَ عليهم لقب "النواب التغييرين" خمسة عشر نائباً، أو ما يزيد على ذلك، وبعد مضي حوالي خمسة أشهر على انتخابهم، ما زالوا في حيرةٍ من أمرهم حول تحديد هويتهم وتلمُّس معالم وظيفتهم، هذا وكانوا قد ظهروا خلال انتخابات رئاسة المجلس النيابي ونائب الرئيس وأعضاء اللجان، في حالٍ من التخبط والفوضى والتّعثُر لا يُحسدوا عليه، وهاهم بالأمس ظهروا أكثر ضياعاً وتعثّراً خلال انتخاب رئيس جمهورية جديد، والخوف أن تتلاشى هويتهم لتغدو هوية بمنزلة الصفر، أي لا دور لها ولا وظيفة، اللهم إلّا أن تساعد في اكتمال عدد نواب المجلس النيابي البالغ مائة وثمانية وعشرين، وهذا يُشبه في لغة الألسُنيّين: الفونيم، أو النّأمة، والنأمة في اللغة العربية هي الصوت الضعيف الخفي، وهو كالأنين، فالنّأمة في منزلة الصفر، والظاهر والمشكو منه حتى الآن ان يقتصر صوت هؤلاء النواب التغييرين على صوت النأمة، أي الوقوف عند حدود الأنين، والنأمة كما نعلم لا تتمتّع بأيّة قيمة جوانية ثابتة، ولعلّ وظيفتها هي الحيلولة دون غياب النأمة أصلاً، وهي بالتالي تقتصر وظيفتها على الحيلولة دون غياب المعنى، ولعلّ دورها كحائلٍ دون غياب المعنى، هو الذي يُزيّن لها أن تُضفي هويّةً أو معنىً ما على القائل بها، حين يُصرّ على القول أنّه "تغييري" او أنّه ليس بنمطي ولا تابع ولا مقاوم ولا ممانع.
كتب منذ مدة الشاعر يحي جابر مسرحية عنوانها: ابتسم، انت لبناني، ذلك أنّ ذاك "اللبناني" كان غافلاً عن هويته، وهو بحاجة لمن يُذكّرهُ بها، وعليه فهي تستوجب أو تستدعي الإبتسامة، اليوم يا نواب التغيير: ابتسموا أو على الأصحّ ابتئسوا..أنتم نواب التغيير والإصلاح.