باتت طريق الحكومة سالكة نظريًا، في انتظار أن يصدق القرار بتشكيلها خلال الايام القليلة المقبلة، فينتقل الملف الحكومي من الإيجابيات النظريّة السائدة حاليًا، إلى ترجمتها الواقعية بصدور مراسيمها. وعلى الرغم من انّ الترجيحات الرّائجة في مختلف الاوساط السياسية تحدّد الاسبوع المقبل موعدًا افتراضيًا لولادة الحكومة، الّا انّه لا يمكن المغامرة بتحديد موعد نهائي لولادتها، وخصوصًا انّ التجارب اللبنانية السابقة في حالات كهذه، بالإخفاقات والخيبات التي لطالما شهدتها في الماضي، تُبقي ملف التأليف محاطًا بالقلق والخوف من أن تدخل "شياطين الشروط" في آخر لحظة إلى تفاصيله، فتنسف التشكيلة الحكومية وتطيح كل المناخ الإيجابي الذي يحيط بها، وتعيد الأمور إلى مربّع الفشل والتعطيل.
وإذا كان المشهد الداخلي قد دخل في الايام الاخيرة، في حالة انتظار عودة الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي ولقائه المرتقب مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ليتبدّى الخيط الحكومي الابيض من الخيط الاسود، الّا انّ مصادر سياسية موثوقة اكّدت لـ"الجمهورية"، أنّ الامور في خواتيمها، والتشكيلة الحكومية العتيدة شبه ناضجة قبل سفر ميقاتي، ولا ينقصها سوى المراسم الرسمية التقليدية لإعلانها وإصدار مراسيمها. وتبعًا لذلك، فإنّ المصادر عينها واثقة من أنّ كل الاطراف نزلت عن اشجارها، وبالتالي فإنّ الحكومة الجديدة ستكون بكامل صلاحياتها وحائزة على ثقة المجلس النيابي قبل 10 تشرين الاول.
وفيما تقرّ المصادر السياسية بأنّ الحكومة الجديدة المنوي تشكيلها بصورتها المستنسخة بغالبية وزرائها عن حكومة تصريف الاعمال، ليست الحكومة الفضلى والمثالية، بل هي حكومة انتقالية تنتهي ولايتها مع انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وبالتالي هي افضل ما يمكن الوصول اليه في وضعنا الحالي، فإنّه في موازاة ذلك، بدأت تبرز اعتراضات مسبقة على هذه الحكومة، وخصوصًا انّها لا ترقى إلى طموحات اطراف عديدة في الضفة المعارضة مثل "القوات اللبنانية" وحزب "الكتائب"، و"نواب التغيير"، غير الممثلين فيها.
وأبلغت مصادر معارضة إلى "الجمهورية" قولها: "نرفض أي حكومة يقفز تشكيلها فوق نتائج الانتخابات النيابيّة، ويحصرها ببعض القوى السياسية اقرب إلى اللون الواحد، ما سيبني امامها بالتأكيد جبهة اعتراضية واسعة ستعبّر عن نفسها في مجلس النواب وخارجه وأمام كل المحطات التي يكون لمثل هذه الحكومة حضور فيها".
وقالت المصادر: "إنّ المنحى المعتمد في تأليف الحكومة، والذي على ما يبدو يتجّه إلى احياء حكومة تصريف الاعمال، يتعامى عمدًا عن وضع البلد وما آل اليه من انهيار وانحدار، ولا يعكس توجّهًا جدّيًا نحو معالجة الأزمة، وهذا ما ينبغي على عاتق حكومة فاعلة وقوية ومسؤولة، وليس على عاتق حكومة وليدة طبخة سياسية جوهرها تسليم فريق التأليف بفشل الاستحقاق الرئاسي وعدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وبالتالي إدارة مرحلة الفراغ الرئاسي وإبقاء الحال على ما كان عليه في عهد الرئيس ميشال عون".