رحل بالأمس إمام من أئمة الشعر والأدب ـ محمد علي شمس الدين ـ جالسته فيما مضى من الأيام في دارة صديقٍ جمعتنا الصدفة، فجالسنا أديباً وشاعراً مطلعاً بفنون الشعر واللغة، أسمعنا قصيدة تشبه ريشة الموسيقار التي تضرب على وتر القلب، وتشتم منها روائح الطين والطيُّون والدحنون والزيتون، وقمح البيادر وسنابل ذهب الوطن وما فيهما من حَبٍّ وحُبٍّ.
شمس الدين.. لقد أشرقت ذات شمس، وأسرجت نوراً من سنا القلم والعين والسهر في دروبٍ مقفرة، ويباسٍ مُسنٍّ ومحاطٍ بجدبٍ قديم، ولولا الحياة الأدبية والشعرية التي نحياها أحياناً، لسمجت حياتنا في بلدٍ تعبثُ فيه الروائح الكريهة، وأنفاس طبقةٍ سلطويةٍ تلتف حول أعناقنا ليلاً ونهاراً من باعة التين وتجار العملات الرخيصة... ولولا الأدب والشعر والقصيدة، بقينا نلعق المرارة والمرورة والعلقم والصُبَّار في أفواهنا، كي لا يكره الميت طلعة الموت.
وأما موت الشاعر والأديب والعالم والأستاذ والمخترع والمبدع، لهو أكبر ثلمة في الحياة، وخسارة لا تعوَّض، ولهذا يقولون: أشقى الناس في الحياة العقلاء، ويقولون وما لذة العيش إلاَّ للمجانين.
شمس الدين... أمثالكم ممن يحسنون قراءة دفتر الحياة، وأوراق المجاهدين، وتأوهات الأرض، وعذابات النفس والقلب والروح، وتمسحون بكف الأقلام أوجاع التراب، لنشتم روائح الحياة الطالعة من ربيع السور والآيات، لنتشابك على حافة هذا الوطن المهجور..
محمد علي شمس الدين، أحبك القلم والشعر والأدب، ويبقى صوتك يطلع من حنجرة الشعر والقصيدة، لروحك السلام.