من مفارقات بلدنا الحبيب الغالي لبنان، إعلان رئيس وزرائه الحداد لمدة ثلاثة أيام على رحيل ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية، في حين أنّ البلد في حدادٍ كامل منذ ما يزيد على ثلاث سنوات، فالظلام يعمّه من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه، الأنوار مُطفأة بالكامل، لولا بصيص النور الذي يصدر عن المولدات الكهربائية الخاصة، وهذا "النعيم" الذي يرفل به اللبنانيون يعود الفضل الأكبر فيه لوزير "العتم" جبران باسيل ومعالي مستشاريه الأفذاذ، ومع ذلك قال في آخر تصريحٍ له بالأمس أنّه لا يطلب من اللبنانيين الشكر والتقدير، فقد قام "بواجبه" على أكمل وجه، ولولا بعض الحياء والخجل، لدعا ملك بريطانيا الجديد تشارلز لإقامة مراسم عزاء والدته الراحلة في لبنان، حيث "يعُمّ" الظلام والحداد والسواد، والحزن واللّطم والفقر والعَوَز والبكاء والنحيب وصرير الأسنان ليل نهار، بلا تعبٍ ولا مُراءاة ولا تكلّف ولا تصنُّع، طالما أنّ عمّه الرئيس عون ما زال قابعاً في "عرين" قصر بعبدا.