شأني... شأن الكثيرين في هذا البلد، من الذين يجالسون الصباح والمساء، والرماد والجمر، ونشرات الأخبار والأحداث التي تعصف بنا يميناً وشمالاً، ومنذ أكثر من أربعين عاماً، ونحن مسمَّرين ومسمَّرون أمام الشاشة، ونوافذ الأبطال، ولم نغادر غرفنا، طوائفنا، أحزابنا، لعلَّ البؤس والحرمان والفقر يخرج من بأس من نسمع، ولعلنا نسمع قبل الفناء ولو لمرة واحدة، بأُذني الوطن، بأنه واجب الحب المقدَّس، فنفترق فيه بدلاً من أن نجتمع عليه. سمعتكم بأكثر من مؤتمر صحفي حضرة الدكتور جعجع، وأنت تلقي بالكوارث التي نزلت على رأس هذا البلد منذ مجيئ رئيس جهنم لبنان، الذي جيء به فريق الممانعة وعلى رأس القائمة حزب الله! هنا تبرز الإشكالية!.
إشكالية السياسة التي مارستموها بدعم ووصول رئيس جهنم؟ وهنا يمكننا القول بأن طريق الرجعة إلى الوراء مفتوحٌ على أكثر من مصرع واتجاه، وأن أكثر المواقف تتبدل تبعاً للمصالح في هذ البلد وللظروف الموضوعية والمستجدة، وأن العقل البشري قابل للإبداع والتطور، وهذا أمرٌ طبيعي ينسجم مع آليات المعرفة، لكن تغيير المواقف والمصالح تحتاج من أجل إثباتها والنهوض نحو الأفضل بجرأة القول بالخطأ بالمواقف السابقة، تكفيراً للخطأ وانسجاماً مع دعواكم. حضرة الدكتور، أنا شخصياً لست محزَّباً، ولست مستعداً لحرق الدولة لصالح أية ايديولوجيا أو فكر أو عقيدة، ولستُ مدافعاً عن أحزاب السلطة، ولكن ماذا فعلتم أنتم ومحور السيادة والحرية والاستقلال منذ أكثر من أربعين عاماً؟. سوى شعارات فضفاضة، وكلمات رنانة مطربة، تطرب بها آذاننا، وتتردَّد صداها على الأسماع، وفي هذا البلد كلٌّ منهم له مربط خيلٍ يشدُّه من رسنه..
نعم، نحن بحاجة إلى رئيس قوي، ورجل شجاع، سمِّه ما شئت حضرة الدكتور، يجتث من الجذور، مقاولي الطوائف، وتجار السموم والفتنة، والإغتيال السياسي، ويضرب بيد من حديد للسارقين واللصوص، وللنفوس المريضة، والمسرطنة بالحقد والأنانية، والطائفية البغيضة، التي تتصرف على طريقة الفيلم الأمريكي ـ كايبوي ـ أو رجل الكابوني ـ نعم، حضرة الدكتور، لبنان بحاجة للخروج من هذا النفق المظلم والانفلات من المعادلة القائمة والتي تعترفون بها، كما جميع اللبنانيين، بفشلها وعدم جدواها، ولعل هذا الأمر يتطلب الانعتاق من نير الطائفية وضربها في مهدها، ويكون الحل الذي هو أقرب إلى الجنون، هو استنباط قانون انتخابي جديد وجريء يضع مصير كل طائفة بيد الطوائف الأخرى، وكل مواطن يختار من يريد، حينها نحفظ العيش المشترك بمعناه الحقيقي، ويحررنا من براثن الطائفية البغيضة، ويخرجنا من دوامة التكتلات الطائفية التي يدركها الجميع، بأنها سبب ما نحن فيه من خراب ودمار.. الناس صنفان: إمَّا أخٌ لك في الدين، أو نظيرٌ لك في الخلق ـ الإمام علي بن أبي طالب (ع).