إليك يا إمام الدراويش والبسطاء والمحرومين، والمستضعفين من الولدان، والكهلة والعجزة، والأطفال والنساء، والثكالى والأرامل والجياع، والمعدمين في بلد يتسع حرماناً بعد أن أقسمت بأن لا يبقى محروم في بلده وأرضه ووطنه...
إلى روحك العاشقة لرب السماء والأرض في سبيل مقارعة السارقين لأموال الناس، والعابثين بأرواحهم وممتلكاتهم، والجاثمين على صدر الوطن...
إليك أيها الثائر على الماركات المعلَّقة على صدر التراب، والمزارع والمحميات على حساب الناس، ويا من لم تستسلم أمام الجبابرة والمفسدين والفاسدين وشياطين الإنس والجن، وإلى سلطةٍ وجماعات ومرتزقة ومنتهكة لخلق الله ولحقوق الناس،العابثة بالقانون والدستور والمنغمسة بظلامة الناس..
إليك يا من لا تُقار على كظَّة ظالم أو سغب مظلوم، لأنك رفضت أن تحمي أو توقِّع على نظامٍ ناهب وفاسد وحامي القتلة والمجرمين، شتَّان سيدي ما بين الزكي والسجَّان، ما بين المحروم والحارم، ما بين المسروق والسارق، شتَّان سيدي ما بين الذهب المصفَّى وبين الرغام والرخام الأملسين، وما بين الذئاب والنعاج، وما بين آكل أكباد الدجاج وبين آكل أكباد الأسود...
سيدي وأنت القائل: "بأن الدولة يجب أن تترفع، أي تقترب إلى السماء، أي تكون بعيدة عن الحزب والطائفة والفئة".. وأنت القائل: "إنَّ تجاهل ألآم الناس وحاجاتهم نوعٌ من الكفر وصورة أخرى عن الإلحاد"...
أنت أنت، موسى الصدر، لم تتغنَّ بالوطنية ولم تترنَّم بنشيدها، لم تشغف بمزوق لفظها، أو بمُنمِّقِ كلامها، لكنَّ وطنيتك تجلَّت في الشدائد وكشفت عن وجهها الحقيقي، ودفعت ثمنها ثمن الغياب، على شِفار المرهَفات....
أنت لم تتغزَّل بالحرية صبح مساء، بل أنت ملاك الحرية بنفسٍ طاهرة كنصل السيف، وحرَّة في الهواء كنسر الصيف.. إليك يا تاريخاً مفتوحاً على التاريخ، إليك يا أمل المستضعفين ويا إمام المحرومين، ما زلنا نعيش حرماناً...