الاستحقاق الرئاسي الذي تفصل 10 ايام عن دخوله مهلة الـ60 يوماً لانتخاب الرئيس الجديد للجمهورية خلالها اعتباراً من أول ايلول وآخر تشرين الاول المقبلين، يشوبه انعدام كامل لرؤية ما يُخبأ له في صندوق المفاجآت اللبنانية.
وإذا كان ثمة من يعتبر انّ الكلام في الاستحقاق الرئاسي يفترض ان ينطلق عملياً مع بدء مهلة الـ60 يوماً، الّا انّه وعلى جاري العادة مع مثل هذا الاستحقاق، فإنّ نادي المرشحين المفترضين لرئاسة الجمهورية يغصّ بحبل طويل من اسماء الشخصيات المارونية في قطاعات مختلفة سياسية وغير سياسية. الّا انّ اللافت في حبل المرشحين هذا، هو أن ليس من بين الشخصيات المارونية المطروحة حتى الآن أي شخصية متقدمة عن غيرها يمكن اعتبارها الاكثر حظاً في هذا الاستحقاق.
بديهي القول هنا، انّ حظوظ هؤلاء المرشحين جميعهم متساوية حتى الآن، وكل منهم ينتظر ان يظفر بلحظة سعد تقرّبه من باب الحظ الرئاسي، الّا انّه في هذا السياق يحضر سؤالان:
الاول، بوجود هذا الكم الكبير من المرشحين، هل يعني ذلك انّ الاستحقاق الرئاسي محسوم إجراؤه في موعده؟
الثاني، إذا كان نادي المرشحين لرئاسة الجمهورية خالياً من اسم متقدّم على سائر المرشحين، فهل ستشكّل مهلة الـ 60 يوماً فرصة لأي من هؤلاء لأن يتقدّم ويحجز مكانه في الصف الاول للمرشحين، وبالتالي يصبح مؤهلاً لكي يتمّ التوافق عليه؟
مصادر مواكبة للتحضيرات للاستحقاق الرئاسي تؤكّد لـ"الجمهورية"، أن لا إمكان حتى الآن للحسم الجازم بأنّ الاستحقاق الرئاسي سيجري في موعده. كما لا إمكان لحسم العكس، وبالتالي الاحتمالان واردان. لكن الاكثر ترجيحاً هو الاحتمال الاول، حيث لا يوجد مرشح إجماع او محل توافق واسع.
ولفتت المصادر إلى مخاطر كبرى للفراغ الرئاسي إن حصل، وقالت: "امامنا اليوم فرصة لانتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهلة الدستورية بين ايلول وتشرين الاول، ذلك انّ الخشية الكبرى في ان نصل في لبنان إلى لحظة يفرز فيها حقل الاحتمالات المفتوحة الماثل امامنا طارئاً، ما نجد انفسنا امامه مكرهين على انتخاب رئيس".
واشارت المصادر إلى انّ ثمة مشكلة كبرى تحوط بالاستحقاق الرئاسي حالياً، وهي الانقسام السياسي الحاد، والخريطة النيابية المبعثرة، بحيث يصعب معها تأمين نصاب انعقاد الجلسة، وخصوصاً في ظل المخاوف المتبادلة بين الاطراف السياسية من ان يؤدي انعقاد الجلسة إلى انتخاب مرشح سيادي، او انتخاب مرشح من 8 آذار. وهذه المشكلة من النوع المستعصي على اي حل في ظلّ الافتراق الجذري بين المكونات السياسية. وهو الامر الذي يعزز فرضية الفراغ الرئاسي الطويل الأمد، مع ما يرافقه من ارباك على مختلف الصعد، وخصوصاً في المجال الحكومي، مع احتمال دخول هذه المكونات في سجال عقيم حول حكومة تصريف الاعمال ومدى صلاحيتها في ان تُناط بها صلاحيات رئيس الجمهورية، بعد خروج رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من القصر الجمهوري دون ان يُنتخب خلف له.