هلاَّ أعرت أذنيك يوماً وساعة ودقيقة، لتسمع عن ضمأ صحراء كربلاء، فأنَّى سمعت ورأيت وتوجهت فثمَّ وجه طفلٍ على رمال رملة، يبحث عن نهر فرات ، وسمعت عن صهيل العاديات الضبحاء، وضِبَاحِ القوس من النِّبال النَّاشبات، وضِبحة الشمس لسوادٍ حالكات، وقدح النيران بالحوافر الموريات، ورأيت أطفالا تكفكف دمع رمال الأرض بالجفون اليابسات، وصدى صرخة هادرة توقظ الغافلين والغافلات، والقاعدين في صوامع عاليات، والغارقين في تواريخ عابرات، والماشين والواشين في الطرقات، والمشيرين بسبَّاباتهم للذين يوقظون النائمين والنائمات، ويعكرون صفو السلطان بالكلمات، لكي يهنئ ويهنئن بالحفلات الباهرات، وصلواتهم وصلاتهم خلف عليٍ أمير المؤمنين (ع) من الناجيات، وأكلهم وأُكُلُهم عند السلطان من أوجب الواجبات، وعند المعامع والشدائد يتسلقون تلالا شاهقات، هم نعقٌ وناعق وناعقين وناعقات، فيا مَن يعيش على قمة الجبال السافحات، علمنا حب كربلاء ونزف جراح الحسين، وعطش أطفال الحسين، والزينبيات الباكيات، فيا مَن عاش ويعيش في النعيم والهناء، ويسبح في مسابح السابحين والسابحات، علمنا معنى الزهد للزاهدين والزاهدات، فيا مَن شفى وشُفي من الحقد والبغض واللؤم، علمنا حب الحلم مع الحالمين والحالمات، فيا مَن تعلَّم معنى العدل والمساواة، علمنا كيف نبتعد عن الإسراف والمسرفين والمسرفات، ويا مَن أستيقظ وأيقظ من التواني والكسل، علمنا كيف تنقظنا من غفلتنا وكسلنا لنطالب بأبسط حقوقنا في العيش مع الطالبين والطالبات... وتركوا النهر رهواً، وجاءت الرَّهو واستوت على الجودي، ليشرب السلطان ماءً ودماً على شفار المرهَفات ـ واترك البحر رهواً ـ وبيننا وبين نهر فرات الحسين (ع) لغة وحوار، فإذا أهابت بنا، وأهاب بنا، قبعنا في ديارنا مع الساكنين والساكنات.