البلد، أي بلدي لبنان، يكاد أن يفقد مقومات وجوده ومعناه. رئيس الجمهورية ميشال عون لا يقوم بصلاحياته، في حين يدّعي التّمسّك بها، حكومة تصريف الأعمال لا تقوم بتصريفها، تكتفي بصرف أموال المودعين، مجلس نواب غير فاعل، وبدأت المعاني تفقد دلالاتها. صهر الرئيس عون، وزير سابق فاسد ومُعاقب دولياً، يقوم مقام رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة المُستقيلة المفترض أن يقوم بدوره كما يقتضي الدستور والعُرف، يخجل من القيام بهذا الدور، ويترك ذلك للمجلس الأعلى للدفاع برئاسة رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس النواب، بعد إقفال أبواب المجلس مرّاتٍ عِدّة، يفتح مضافة في عين التينة،على حسابنا طبعا، وقد قام بإقفال شارع رئيسي وسط البلد. وهناك شاب"معتر" من بلدي حُكم بالسجن عشرون عاما بتهمة التعامل مع العدو، في حين يُحكم على ضابط مخابرات في الجيش بعامين لنفس التهمة، ناهيك عن قضية الوزير السابق ميشال سماحة المشهورة، فالأحكام القضائية فقدت معنى العدل، وعندما حاول المُحقّق العدلي القاضي بيطار إحقاق العدل في جريمة تفجير مرفأ بيروت النووي، قامت الحصانات "المُزيّفة" في وجهه.
تُرانا أصبحنا في بلدٍ كل ما فيه بلا معنى.وكان ابن الرومي قد سبق إلى ما يشبه وضعنا عندما هجا أحدهم بأنّه لا معنى له فقال:
مستفعلٌ فاعلٌ فعولُ
مستفعل فاعل فعولُ
بيتٌ كمعناك ليس له
معنى سوى أنّه فضولُ.
فإذا صحّ ذلك ،أكون أنا كمواطن ،لا معنى له،مستفعل فاعل فعولُ، ورئيس الجمهورية: فعولٌ مفاعيل مفاعلُ، ورئيس الحكومة: مستفعل فاعلٌ فعلُ، وكلنا ليس لنا معنى، ولا يبقى في النهاية إلا وجه ربك ذو الجلال والإكرام، والأمة
العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة، وولاية الفقيه العابرة للمكان والزمان.