أيام قليلة وتطل علينا ذكرى عاشوراء، وكما جرت العادة منذ عقود تنتشر في القرى الشيعية والمدن والدساكر والبيوت مجالس العزاء تحت عنوان احياء ذكرى استشهاد الامام الحسين، حينها ندرك نحن الشيعة وجود " ثنائي " حزبي وتتجلى هذه الثنائية بأبهى صورها فلكل طرف منهما مجالسه وشعاراته وقارىء عزائه وندبياته ويافطاته، مترافق كل ذلك مع حملات تنافسية تصل بالايام الاخيرة الى حدود تكفير بعضهم البعض فالتطبير المحرم عند الحزب هو عند الحركة اعلى مظاهر المواساة واعظم الشعائر.
كل هذا التنافس والتناقض والتنافر الحزبي بين الحركة والحزب والذي لا يخلق في مناطق نفوذهم الا المزيد والمزيد من الضوضاء والعجقة والصراخ والبذل الفارغ على القشور، والذي لم ينتج طوال سنوات مديدة الا المزيد من انتشار الفساد وتفشي المعاناة والفقر ونهب للمال العام حتى وصلنا الى ما وصلنا اليه.
بالامس وفي يوم الاستشارات النيابية الملزمة، بدا هذا الثنائي الشيعي كما في كل الاستحقاقات التي تلامس اوجاع الناس والتي من المفترض ان تترجم قيم ومبادىء الامام الحسين التي يحيون ذكراه وان يكون هذا الثنائي نفسه مصداق للتغيير وطلب الاصلاح، نراه يتحول الى قلب رجل واحد، فكل نواب الثنائي امتطوا سياراتهم وتدثروا اطقمهم الثمينة وشهروا سيوف اصواتهم ورفعوا اسنة رماحهم الكربلائية وصرخوا بأعلى اصواتهم الحسينية " يا لثارات نجيب ميقاتي "
وما ادراك ما نجيب ميقاتي، الغارق باتهامات الفساد من اموال المشتركين بالخليوي مرورا باموال الاسكان ووصولا الى محاكم تبيض الاموال وتهريبها في موناكو وباريس، فضلا عن جهاده المستميت بالدفاع عن ضابط امواله وحافظ اسراره المجاهد الاول رياض سلامة.
بالامس نجح بتفوق نجيب ميقاتي بجمع صفوف الثنائي الشيعي، والتفوا حوله كأنهم بنيان مرصوص وبكل فخر واعتزاز سموه للتربع على صدور اللبنانين بكل طوائفهم ومنهم الشيعة طبعا من دون ان يرف لاحدهم جفن او يبدي امتعاضا ولو من باب مواساة الناس للظهور بمظهر المضطر على هذا الخيار، ولعل هنا ضحكة محمد رعد النادرة كادت تفضح ما في قلبه وعقله من غل على لبنان واللبنانيين حتى كأن هذه الضحكة في بعبدا تقول : " ايها الناس موتوا بفقركم فهذا نجيبنا قد وليناه عليكم "