رفع الدعم عن البنزين وتحويله إلى مؤسسة كهرباء لبنان لشراء الفيول وتأمين الكهرباء، لا سيما لما بعد مرحلة انتهاء النفط العراقي، هو الشغل الشاغل اليوم، خصوصاً انّ هذه الخطوة ستتكامل مع رفع التعرفة على الكهرباء، والمقترح ان تكون 27 سنتاً وفق سعر منصة صيرفة. وبالتالي، فإنّ كلفة إضافية سيدفعها المواطن قريباً على سعر صفيحة البنزين وعلى تسعيرة فواتير الكهرباء.
رغم الضجيج الذي أحاط توقيع اتفاقية استجرار الغاز من مصر، فإنّ لبنان لم يحصل بعد على ضوء أخضر أميركي ومن البنك الدولي لتحسين وضع الكهرباء. والحقيقة الوحيدة حتى اليوم، هي انّ النفط العراقي هو المصدر الوحيد الذي يمدّ لبنان بالتغذية على قلتها، مع العلم انّ الكميات التي يستحصل عليها لبنان من الجانب العراقي آخذة بالتناقص شهرياً، ما قد يشفع بنا مستقبلاً، لأنّه بدل ان تكون آخر شحنة يستلمها لبنان في آب المقبل قد تمتد حتى ايلول او تشرين. لكن ماذا بعد ايلول؟ لا جواب، لا أحد يعلم، لا شيء أكيداً. فإما يعطي الجانب الاميركي الضوء الاخضر ويبدأ الاستجرار من مصر والاردن، أو يؤمّن مصرف لبنان الاموال لشراء الفيول على صيرفة، او عودة الى العتمة الكاملة.
في السياق، اعتبرت مصادر متابعة في مؤسسة كهرباء لبنان، انّ رفع الدعم عن البنزين سيحصل عاجلاً ام آجلاً، بغض النظر عن تحويل الدعم الى الكهرباء أم لا. وشرحت المصادر، انّ السير بالحل المطروح، والذي يقضي بقبول مصرف لبنان بيع الدولارات لزوم مؤسسة كهرباء لبنان لشراء الفيول، يتطلب توفر عدة شروط هي:
اولاً: إرسال مصرف لبنان لكتاب رسمي يعلن فيه صراحة القبول بتحويل الاموال عبر منصّة صيرفة. إذ لا يمكن ان تصل الباخرة المحمّلة بالفيول وتنتظر في عرض البحر 20 الى 25 يوماً لفتح الاعتماد، كما يحصل راهناً مع منشآت النفط، بما يعني انّه يجب ان يفتح الاعتماد فوراً. إذ لا يجوز تعتيم البلد 20 يوماً قبل فتح الاعتماد.
ثانياً: نحتاج مع بداية السير بهذا الإجراء الى تمويل مؤكّد على الأقل خلال فترة 5 الى 6 اشهر. لأنّ السير بالتعرفة الجديدة اليوم يحتاج 5 الى 6 اشهر قبل بدء الجباية، بما يعني انّ هناك مبلغاً ليس بقليل يتراوح ما بين 600 الى 700 مليون دولار يجب تأمينه.
ثالثاً: على الإدارات الرسمية ان تدفع فواتيرها، ويقدّر المبلغ المكسور عليها بنحو 180 مليون دولار. وإذا كانت تنوي الدولة ان تدفع هذا المبلغ عليها ان تلحظ ذلك في موازنة 2022 الموجودة اليوم في المجلس النيابي.
رابعاً: على القوى الأمنية والقضائية ووزارة الدفاع والداخلية ان يتشاركوا مع المؤسسة لنزع التعدّيات كإحدى الخطوات الإصلاحية المطلوبة.
خامساً: إعطاء التحفيزات للعاملين في مؤسسات كهرباء للعمل، وتحسين رواتبهم وتأمين كلفة تنقلاتهم لإجراء الإصلاحات اللازمة، في حين انّ القطاع العام في إضراب اليوم.
وشدّدت المصادر على ضرورة تحقيق كل هذه المطالب قبل السير بأي خطة للكهرباء.
التسعيرة الجديدة
وعمّا إذا كانت الاموال التي في حوزة مؤسسة كهرباء لبنان تكفي لشراء الفيول وفق سعر منصة صيرفة، قالت المصادر: «وفق تسعيرة صيرفة لا تساوي المبالغ التي في حوزة المؤسسة شيئاً، فلدى المؤسسة 450 مليار ليرة فقط، في حين انّ سعر برميل النفط بات 115 دولاراً». واعتبرت المصادر، انّ التوقيت الأفضل للسير بهذه الخطة، أي شراء الفيول عبر صيرفة، هو لدى بدء وصول الغاز من مصر، لأنّه ارخص (7 الى 8 سنت الكيلواط).
وعمّا إذا كانت التعرفة الجديدة ستكفي لتسديد كلفة الفيول المطلوب، أعربت المصادر عن تفاؤلها من ان تتمكن التسعيرة الجديدة من خلق توازن مالي في المؤسسة والمحدّدة مبدئياً بسعر 27 سنتاً وفق سعر منصة صيرفة، شرط ان تدفع الدولة كلفة الفيول العراقي وليس المؤسسة، وان تدفع الادارات الرسمية الفواتير المتراكمة عليها، وإذا لحظت موازنة 2022 المبالغ التي يجب ان تُدفع لمؤسسة كهرباء لبنان وفق التسعيرة الجديدة المرتقبة ومن ضمنها المخيمات الفلسطينية. أما إذا بقيت كل هذه الأكلاف على عاتق المؤسسة فلا شك انّ التعرفة ستزيد على المواطن ما بين 10 الى 15% على الاقل 3 الى 4 سنتات اضافية.
ماذا بعد ايلول؟
اما عن مرحلة ما بعد ايلول، أي عندما ينتهي العقد الموقّع مع العراق، والذي يمدّ بموجبه لبنان بالنفط الذي يؤمّن التغذية لكل لبنان، تقول المصادر: «كنا في السابق نستلم نحو 50 الف طن من النفط العراقي شهرياً، الّا انّ هذه الكمية تقلّصت مع الوقت، بحيث استلمنا منذ 3 اشهر 43 الف طن وقبل شهرين استلمنا 41 الف طن، أما الباخرة التي وصلت امس الى دير عمار فكانت محمّلة بـ 33 الف طن، وقد عزا الجانب العراقي ذلك إلى فروقات في أسعار النفط عالمياً. لكن المضحك انّ هذه الـ 33 الف طن (أصغر حجم بواخر) يجب ان تسيّر كل امور البلد، من إضاءة المطار إلى المرفأ إلى محطات التكرير، إلى مضخات المياه إلى الجامعة اللبنانية إلى المستشفيات الحكومية، والإدارات الرسمية والصرف الصحي في زحلة وبقية المناطق والقصر الجمهوري والسرايا والوزارات وقصور العدل....
وأوضحت المصادر، انّه تعاقدياً ينتهي العقد مع العراق في شهر آب المقبل، لكن الكميات المتفق عليها لكي نستلمها خلال فترة سنة وفق الاتفاق، انما تسلّمنا كميات أقل. لذا من المحتمل ان تمتد فترة استلام الشحنات الى ايلول وربما أقل من باخرة خلال شهر تشرين الاول.
النفط العراقي
وبالانتقال الى ملف استجرار الغاز من مصر، بعدما وقّع لبنان أمس اتفاقية مع الجانب المصري في هذا الخصوص، تقول المصادر: «انّ هذه الاتفاقية مهمّة، انما ينقصها نقطتان لتدخل حيز التنفيذ، أولهما الموافقة الاميركية، وهذه خطوة جوهرية، لأنّ من دونها لن يمشي الاتفاق. والجانب المصري كثير التشدّد في هذا الموضوع. والثانية، تأمين التمويل من البنك الدولي.
ووصفت المصادر الاتفاقية بالمعقّدة جداً، بسبب الشروط المالية والبيئية التي يفرضها البنك الدولي، وبسبب العقوبات المفروضة على سوريا، والتي تصعّب طريقة تنفيذ العقد.
ولدى سؤال المصادر عن مرحلة ما بعد انتهاء النفط العراقي قالت: «مش معروف»، «لا حل» انما الحل المنشود يجب ان يعتمد على تأمين العملات الصعبة اللازمة لذلك».