في ظل الغزو الروسي لأوكرانيا، أصبح هدف قطاع الغاز الطبيعي المزدهر في إسرائيل يتمثل في الوصول إلى أوروبا التواقة للطاقة، لكن إسرائيل تستخدم ثروة الطاقة المكتسبة حديثاً لتحقيق هدفها الذي طال انتظاره والمتمثل في الاندماج في المنطقة مع جيرانها العرب الذي كانوا معادين لها في السابق.
Advertisement
وبحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، "وافقت إسرائيل، الأربعاء، على ضخ غاز طبيعي بمليارات الدولارات إلى أوروبا عبر منشآت تسييل مصرية، في الوقت الذي أوقفت فيه روسيا الإمدادات وباتت القارة تتخبط لإعادة ملء خزاناتها شبه الفارغة. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون جير لاين في القدس، قبل يوم من توجهها إلى القاهرة، إن مذكرة التفاهم التاريخية، والتي وقعها كل من وزيري الطاقة الاسرائيلي والمصري وممثلي المفوضية الأوروبية، تهدف إلى خلاص أوروبا من "ابتزاز" الطاقة الروسي. أما بالنسبة لإسرائيل، والتي اضطرت إلى مواجهة المعارضة المحلية ومحاولة التخريب العرضية لأنابيب تصدير الغاز تحت البحر، فإنها أيضاً علامة على أن الزمن قد تغير. وقال إسحاق ليفانون، الذي شغل منصب سفير إسرائيل في مصر من العام 2009 إلى العام 2011، إن "هذا التعاون الفني العام، الذي يأتي لمساعدة أوروبا، التي نحن أقرب البلدان في المنطقة إليها، مهم للغاية"."
ad
وتابعت الصحيفة، "بالمحصلة، إن مساهمة شرق البحر المتوسط بتأمين الغاز الطبيعي لأوروبا ستكون بمثابة كمية ضئيلة مقارنة بالإمدادت الروسية، لكنها ستكون جزءاً من استراتيجية الترقيع، والمتمثلة بتأمين الطاقة من مصادر عدة حول العالم، لسد العجز الذي خلفته روسيا. بالنسبة للكثيرين في إسرائيل، كانت صفقة الأسبوع الماضي بالفعل علامة فارقة مهمة في محاولة استمرت لسنوات لاستخدام الغاز لإذابة العلاقات الجليدية مع جيرانها. في ظل الارتفاع الصاروخي في أسعار الطاقة والمعارضة العامة المتلاشية تدريجياً لإسرائيل في أجزاء من العالم العربي، يأمل العديد من الإسرائيليين أن صفقة تصدير الغاز قد تحقق شيئًا أكثر قيمة من الربح: "المزيد من التطبيع مع اسرائيل في المنطقة"، على حد قول موشيه ألبو، من معهد السياسة والاستراتيجية في جامعة رايشمان في وسط إسرائيل. وأضاف ألبو أنه في حين أن التعاون ليس جديدًا تمامًا - استضافت القاهرة منتدى غاز شرق المتوسط بما في ذلك إسرائيل والسلطة الفلسطينية وست دول أخرى في البحر المتوسط منذ عام 2019 - إلا أن "الأسعار الاقتصادية العالمية تخلق الكثير من الدوافع لكثير من اللاعبين للإسراع في العملية". حتى تركيا، والتي لم تكن العلاقة بينهما في أفضل حالاتها قبل بضع سنوات فقط، استضافت مؤخرًا الرئيس الإسرائيلي واقترحت إحياء خط أنابيب الغاز الطبيعي تحت سطح البحر إلى أوروبا، في علامة على تحسن العلاقات".
وبحسب الصحيفة، "اكتشفت اسرائيل حقلي غاز بحريين كبيرين في عامي 2009 و2010، وبدأت في استخدام الغاز ضمن الحدود المحلية لتعود وتقوم بتصديره إلى جيرانها العرب. وقال يوسي أبو، المدير التنفيذي لشركة الغاز الاسرائيلية "نيوميد إنرجي"، والذي حضر الاجتماعات التي جرت في القاهرة الأسبوع الماضي إنه في عام 2006، وقعت إسرائيل صفقة تاريخية بقيمة 10 مليارات دولار، لتصدير الغاز مع شركة الكهرباء الوطنية الأردنية، في "أهم صفقة منذ توقيع اتفاقية السلام بين الدولتين في عام 1994". وقال أبو إن صفقة بقيمة 15 مليار دولار تم توقيعها مع مصر في العام 2018 ساعدت هي أيضاً بتوطيد العلاقات التي كانت فاترة بشكل عام منذ إعلان البلدين السلام رسمياً في العام 1979. كما وقد ساعدت القاهرة في تحقيق أهدافها المتمثلة في ترسيخ نفسها كمركز إقليمي للطاقة وتطوير البنية التحتية لنقل الغاز الطبيعي الإسرائيلي إلى مصانع التسييل المصرية ثم إلى أوروبا، والتي سيتم توسيعها بموجب الاتفاقية الحالية. وتأتي الدفعة الأخيرة من الغاز بعد اتفاقات إبراهيم، وهي سلسلة من اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل وأربع دول عربية، والتي همشت القضية الفلسطينية وعززت العلاقات مع "الدول العربية الأخرى ذات التفكير المماثل"، بحسب ليفانون".
ad
وتابعت الصحيفة، "قال مسؤول تنفيذي بحريني تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته خوفًا من المساومة على موقعه كوسيط بين الشركات الإسرائيلية والعربية، إنه بين الإسرائيليين، أنتجت هذه الصفقة أيضًا حماسة لصفقات الأعمال العربية التي نادراً ما تؤتي ثمارها. وقال إن مؤسسات القطاع الخاص في البحرين، والتي كانت جزءًا من اتفاقيات إبراهيم، رفضت عروض التعاون الإسرائيلية لأن العديد من عملائها سيعارضونها. ويأمل رجال الأعمال والسياسيون الإسرائيليون أن تكون دبلوماسية الغاز قوية بما يكفي لتخفيف التوترات المتعلقة بالصراع الإسرائيلي المستمر مع الفلسطينيين. وقال المدير العام لوزارة الطاقة ليور شيلات، متحدثًا عبر الهاتف من القاهرة بعد توقيع الصفقة، إن إسرائيل ما زالت تنظر إلى الطاقة على أنها فريدة من نوعها، من حيث أنها يمكن أن تكون "مصدرًا للتعاون وليس مصدرًا للنزاع". وأضاف: "حقيقة أنها قادمة من الشرق الأوسط"، في إشارة إلى تاريخ المنطقة المليء بالصراعات، "هي بحد ذاتها رسالة قوية"."