أنَّى يمَّمت وجهك شطر فلسطين، تلك الأرض المقدسة، كيف قُتلت ثم قُتلت، فماتت، ولم ولن تمت!
إضرب بطرفك نحو الشطر الآخر، فالجوعى والمرضى والثكلى والثكالى والآلام والأحزان والقتل المجاني، طولاً وعرضاً!
شطرٌ مقدَّسٌ قتله عدوٌ متمترس ووحشيٌ غادر، لم تقرأ في صفحات تاريخه إلاَّ تمزيقاً من أشلاء الأطفال والنساء والشباب والكهول، ونقاطه من قطرات الدم في كل آن، قلبه متحجِّر، لا يقلقه صوت طفلٍ وصراخ امرأة، إنه كيدُ كبدٍ من هندٍ وحشي!
وآخر الشطر، سياسي جلاَّد، سعادته في هلاك شعبه، وإفقار أمته، فالعدو في الشطرين واحد، كلاهما قاتل، لا فرق بين قتل امرأة ومجاعة أمَّة!
غفت شيرين، إغفاءة، لا علم لنا بمداها وصداها، ونامت على عشب الضفة بين القدس والكنيسة والمعبد والمسجد، وتمايلت جراحاً على دُفلى الورد، فنبت الزهر باحثاً عن رصاصٍ عربيٍ مبين، يذبل خوفاً، يصدأ جزعاً..
أجسادٌ تتمزَّق، وقلوبٌ تتلوَّى، في كل يوم، والحاكم والزعيم والفخامة تشرب نخب خمرٍ من داليات القصور، وأكبادٌ حرَّى تشرب من غصن الزيتون..
يا سرْوَ فلسطين وزيتونة جنين، اطردي هؤلاء الحُرَّاس الصامتين والواقفين خلف كروم الشمس، يبيعون زيت الفلاحين وتعب الكادحين، دماً وجمراً وخمراً للصيّادين والغادرين والعابثين بتراب الأرض.
يا زيتونة القدس، اطردي من تربَّع على أشلاء الضحايا، ويلوك الأحلام، ممتشقاً سيفاً من طواحين الهوا.
لا تصغي لصوت قوافل العير، وفحول قريش الجواهل، حدِّثينا، لقد أكل صدأ الصمت عكاز العمر، وخربش مسامعنا سكونٌ بعيد، وسط ضجيج لحى الله، اتركوا تلك الروح لخالقها، تسبح وتُسبِّح مع القدِّيسين والشهداء، وتصلِّي لربها، مع روح الله عيسى كليم الله، واتركوا عيال الله، واخلعوا نفوسكم الأمَّارة من كل سوء، ودشاديشكم من كل أمارة وبصَّارة، واتركوا حنَّى اللحية حتى لا تكونوا من الأخسرين أعمالاً، إنه عقلٌ سلفيٌ إرهابي، يتفنن بجواز الرحمة.. إنهم باعة التين والدين، وتجار العملات الرخيصة على مقربة من جنة منتجع الأغنياء والسماسرة ولصوص السياسة وباعة الأوطان والميتة والدم ولحم الفقراء.
يا أخت مريم، وفاطمة، وزينب، وامرأة من سبأ، وصلاة كنيسة القدِّيسين والواصلين وخبز الطين من جنين والقدس وفلسطين والشاهدة والشهيدة، لك الرحمة والسلام.