عندما تستمع إلى السيد حسن نصرالله أمين عام حزب الله اليوم، وهو يدعو في خطابه الإنتخابي في الضاحية الجنوبية إلى بناء الدولة اللبنانية، يُخيّل إليك أنّ السيد يدعو إلى انتخاب أعضاء لائحة بناء الدولة التي يقودها الشيخ عباس الجوهري في دائرة بعلبك-الهرمل، ذلك أنّ هذه اللائحة تطرح في برنامجها الإنتخابي ضرورة إعادة بناء الدولة، الدولة التي نخرها سوس الفساد، وانتهك سيادتها السلاح غير الشرعي، فالسيد نصرالله أولى أمر بناء الدولة أهمية لافتة في خطابه المشار إليه، وكان واضحاّ بدعوته لقيام الدولة وبناء الدولة، ذلك أنّ الدولة في نظر السيد ومفهومه المُستجدّ، ضرورة واجبة الوجود، لا يمكن الإستغناء عنها أو الإستعاضة عنها بحزبٍ، أو طائفة أو مجموعة "مُسلّحة" مهما بلغت من العُلُو والشأن، وهذا تطورٌ مُرحبٌ به ويُبشّر بالخير، إلاّ أنّ الواقع لا يدعو إلى الإسترسال في التفاؤل، أو الإستبشار بوجود نوايا "طيّبة" عند السيد نصرالله وحزبه، ذلك أنّه ما لبث أن أردف بأننا في لبنان والحمدلله عندنا دولة، وليس المطلوب البدء ببناء دولة جديدة، فالحزب لا يدعو كما حصل في ثورات الربيع العربي إلى إسقاط الأنظمة، وبناء أنظمة جديدة، عند السيد نصرالله دولة "كاملة الأوصاف"، دولة موضوعة بتصرّفه، لم يقل ذلك صراحةً، ولكن قالها ضمناً وبمواربة: عندنا دولة ولها رئيس جمهورية( مع الدعاء له بطول العمر)، بذلنا كلّ ما في وُسعنا لتنصيبه، وعندنا رئيس مجلس نيابي، وهو في حكم الموضوع بتصرفنا، عندنا رئيس حكومة ووزراء يأتمرون بأمرنا، وعندنا أجهزة أمنية لنا فيها حصّة الأسد، واللافت للنظر أنّ السيد نصرالله أغفل( أو تغافل وجود أجهزة قضائية)، ربما لأنّ القضاء لم يُبدِ في الفترة الأخيرة حُسن انضباط وطواعية.
يمكن للشيخ عباس الجوهري أن يستغل دعوة السيد نصرالله إلى بناء الدولة، ويدعو جمهور الحزب لتأييد لائحته الإنتخابية يوم الأحد القادم، لتقارب الأهداف وتقاطع المصالح والمقاصد.