ظننا أن الشعب بلغ مبلغاً في التطور على ضوء العيشة الضنكة وعلى ضوء الأزمة الإقتصادية والتدهور السريع في مستويات العيش وظننا أيضاً أنّه وعى مصلحته في الدولة لا في مزارع الطوائف وهذا ما سيفرض عليه التعاطي مع الإستحقاق النيابي وفق منطق التغيير ورفض عملية الإستحمار التي تتمّ دون الحاجة أو الإهتمام بعبء ما يحمل من أوزار . طفقنا أن نخصف من ورق العمر ما يستر عريّ الكرامة أو ما تبقى منها بعد أن تمّ صرفها لصالح طالح هنا وطالح هناك وكدنا أن نصدق أن باب الفرج قريب يجيب دعود الداع اذا ما قرر قتحه بيده ليدخل في مرحلة جديدة لا فساد فيها ولا فاسدين ولكن سرعان ما أيقظتنا عصبيات أهل الطوائف على كوابيسها وجرّدت أحلامنا منها وصدقت أقوال القائلين باستحالة الرهان على الشوارعيين في تنظيف الشوارع أو بارتقائهم سُلُم الخدمات وصولاً الى ما يشبع جوعهم بوطن لا ببيضة مسلوقة على رؤوسهم . كان الرهان وهماً وكان الأمل المرتجى مجرد ضغث ووليد كبوة أمّلتنا بالشعب بعد أن عاف نفسه وبات كريهاً لروائح ميتة فيه ولكن غالبه هواه فمشى خلفه هاتفاً للاحديه من بكوات الطوائف وأحزابها ومستميتاً في الدفاع لا عنهم بل عن صورهم وبطرق عنفية تستبطن غلاً مشبعاً بالكراهية ضدّ من لا يعلق صورة معه لبائع من باعة البلاد والعباد. في المعاينة المباشرة لجعل الناس أصواتاً في صناديق الطوائف تصعد كرتونة (الإعاشة) سُلُم خدمات اللوائح ومن ثمّ يأتي البصل وتأتي البطاطا في الدرجة الثانية والتحريض الطائفي الفتنوي من أضراس القوم الى آخر سنّ في هذا الحزب وذاك التيّار ليثيروا حماساً مدفوناً في أحشاء شعب تغلي في عروقه دماء الطائفية . لذا تبيّن أن الناس على ماهم عليه من موعد دائم وثابت مع خدمة الكرتونة وعلبة السردين التي لم تتوفر لهم في هذا الإستحقاق لغلائها وإن وعدوا بحسك لأسنانهم بعيد الإنتخابات وبانتفاخ لأوداجهم بالدجاج بعد أن ذُبحت أوداجهم وهي تصرخ للقائد والزعيم . إن مشكلة لبنان في لبنانييه أي في المقيمين فيه لأنهم مجرد نزلاء في فندق لا مواطنيين في وطن وهم أتباع تُبّع لدول ومحاور ولا حرص عندهم لدولتهم لذا لا يقيمونها ويبقونها طي سجل . مأسوف عليه وطن غير مأسوف فيه على شعبه الذي اختار الذل على الحياة وآثر البقاء في المجرور دون الصعود الى الينبوع فلماذا نذهب أنفسنا عليه حسرات ؟